[أو تهكّم (١)] أي سخريّة واستهزاء [فيقال للجبان ما أشبهه بالأسد (٢) ، وللبخيل هو حاتم] كلّ من المثالين صالح للتّمليح والتّهكم ، وإنّما يفرق بينهما (٣) بحسب المقام ، فإن كان القصد إلى ملاحة وظرافة دون استهزاء وسخريّة بأحد فتمليح ، وإلّا (٤) فتهكّم ، وقد سبق إلى بعض الأوهام نظرا إلى ظاهر اللّفظ (٥) أنّ وجه (٦) الشّبه في قولنا للجبان ، هو أسد ، وللبخيل ، هو حاتم ، هو التّضادّ المشترك (٧) بين الطّرفين باعتبار الوصفين المتضادّين (٨).
________________________________________
هو التّلميح بتقديم اللّام ، وأمّا التّمليح بتقديم الميم فهو بمعنى الإتيان بما فيه ملاحة وظرافة.
الثّاني : إنّ قولنا للجواد هو حاتم ليس فيه إشارة لشيء من قصّة حاتم ، فلا مساواة بينهما.
(١) قوله : «أو تهكّم» عطف على قوله : «تمليح» ، أي تنزيل التّضاد منزلة التّناسب ، أمّا لأجل التّمليح ، أو لأجل التّهكّم.
والفرق بينهما إنّما هو بحسب المقام ، فإن كان غرض المتكلّم مجرّد الملاحة والظّرافة من غير قصد إلى استهزاء وسخريّة ، كما إذا كان المقصود إزالة السّأمة من السّامعين ، وإدخال السّرور في قلوبهم ، وإذا لم يكن الغرض مجرّد الملاحة بل كان استهزاء وسخريّة ، فالأوّل تمليح والثّاني تهكّم.
(٢) أي أيّ شيء جعله شبيها بالأسد ، «وللبخيل هو حاتم» ، والأوّل تشبيه عاديّ مع قطع النّظر عن التّعجّب ، والثّاني تشبيه بليغ.
(٣) أي بين التّمليح والتّهكّم.
(٤) أي وإن لم يكن المقصود مجرّد الملاحة والظّرافة ، بأن قصد الاستهزاء والسّخريّة فتهكّم.
(٥) أي إلى ظاهر لفظ المصنّف ، وهو قوله : «لاشتراك الضّدّين فيه».
(٦) فاعل سبق.
(٧) أي الجملة خبر أنّ في قوله : «أنّ وجه الشّبه».
(٨) وهما الجبن والشّجاعة في المثال الأوّل ، والكرم والبخل في المثال الثّاني.