وممّا يناسب هذا المقام (١) أنّ بعض أصحابي ممّن الغالب على لهجتهم (٢) إمالة الحركات نحو الفتحة أتاني بكتاب ، فقلت : لمن هو؟ فقال (٣) : لمولانا عمر ، بفتح العين. فضحك الحاضرون فنظر (٤) إليّ كالمتعرّف عن سبب ضحكهم ، المسترشد لطريق الصّواب (٥) فرمزت إليه بغضّ الجفن وضمّ العين (٦) ، فتفطّن للمقصود واستظرف الحاضرون ذلك (٧).
[لو تبتغي] أي تلك الجياد [عنقا] هو (٨) نوع من السّير [عليه] أي على ذلك العثير [لأمكنا] أي العنق ، ادّعى تراكم الغبار المرتفع من سنابك الخيل فوق رؤوسها بحيث صار أرضا يمكن سيرها عليها ، وهذا ممتنع عقلا وعادة لكنّه تخييل حسن [وقد اجتمعا] أي إدخال ما يقرّبه إلى الصّحّة وتضمّن التّخييل الحسن [في قوله (٩) :
يخيّل لي أنّ سمر الشّهب في الدّجى |
|
وشدّت بأهدابي إليهنّ أجفاني] |
________________________________________________________
(١) أي من جهة أن ضمّ العين فيه إشارة لمعنى خفيّ ، وإن كانت الإشارة بغير اللّفظ ، وليس فيه تورية ، ولا توجيه ، ولذا قيل : «وممّا يناسب» ، ولم يقل : ومنه.
(٢) أي لغتهم وكلامهم ، أي من قوم الغالب عليهم أنّهم يميلون في لهجتهم وكلامهم بالضّمّ نحو الفتح.
(٣) أي فقال ذلك الآتي بالكتاب لمولانا عمر بفتح العين ، وهو يعني عمر بضمّها.
(٤) أي فنظر ذلك القائل إليّ «كالمتعرف» أي الطّالب لمعرفة سبب ضحكهم ، لأنّه خفي عليه.
(٥) أي الطّالب لطريق الصّواب الّذي ينفي عنه سبب ضحكهم.
(٦) أي أشرت بضمّ العين حسّا ، ففهم ذلك القائل أنّ سبب ضحكهم فتحه لعين عمر ، وأنّه ينبغي له ضمّ عينه.
(٧) أي اعترفوا بظرافة المشير ، أي حذقه وفهم المشار إليه.
(٨) أي العنق نوع من السّير ، وهو السّير السّريع.
(٩) أي قول الشّاعر ، وهو القاضي الأرّجاني بفتح الرّاء مشدّدة بعد همزة مفتوحة ، نسبة لأرّجان بلدة من بلاد فرس ، يصف الشّاعر في هذا البيت طول اللّيل.