علّامة جيّان (١) ، لا ما قاله «أبو حيان» ، وكلام «ابن الضائع» كلام ضائع (٢).
ـ ولو صحّ أن القدماء لم يستشهدوا بالحديث فليس معناه أنهم كانوا لا يجيزون الاستشهاد به ؛ إذ لا يلزم من عدم استدلالهم بالحديث عدم صحة الاستدلال به ، فـ «سيبويه» مثلا إذا ذهبنا نقرأ كتابه المسمى بـ «الكتاب» فلن نجد فيه كلاما رفعه للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولا مرة واحدة ، وفي «الكتاب» نصوص كثيرة توافق الأحاديث النبوية. وقد أحصيت ثمانية نصوص منها ، ولكن «سيبويه» لم يستشهد بها على أنها أحاديث من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بل على أنها من كلام العرب.
قال «سيبويه» في كتابه ١ : ٣٩٦ : «وأما قولهم : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه» (٣).
فقد جعله كلاما صادرا من العرب الذين يحتج بكلامهم (٤).
ويمكننا القول بكل صراحة : إن عدم استدلال بعضهم بالحديث على أنه مرفوع للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا يعني أنهم لا يجيزون الاستدلال به ، وإنما يعني عدم خبرتهم بهذا العلم الدقيق ، وهو علم رواية الحديث ودرايته ، لأن تحصيله بحاجة إلى فراغ ، وطول زمان ، كما يعني عدم تعاطيهم إيّاه.
__________________
(١) جيّان : مدينة بالأندلس ، شرقي قرطبة ، وهي مسقط رأس «ابن مالك». «معجم البلدان» ٢ : ٢٩٥.
(١) جيّان : مدينة بالأندلس ، شرقي قرطبة ، وهي مسقط رأس «ابن مالك». «معجم البلدان» ٢ : ٢٩٥.
(٢) «تحرير الرواية في تقرير الكفاية» ١٠١.
(٣) بنحوه أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الجنائز ـ باب ما قيل في أولاد المشركين) ٢ : ١٠٤ ، وفي (كتاب القدر ـ باب الله أعلم بما كانوا عاملين) ٧ : ٢١١. و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب القدر ـ باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم أطفال الكفار وأطفال المسلمين) ٨ : ٥٢. و «أحمد» في «مسنده» ٢ : ٢٧٥ ، ٣٩٣ ، ٤١٠ ، من حديث «أبي هريرة» ، و «مالك» في «الموطأ» في (كتاب الجنائز ـ باب جامع الجنائز) ١ : ٢٤١ ، و «أبو داود» في «سننه» في (كتاب السنة ـ باب في ذراري المشركين) ٤ : ٢٢٩.
(٤) «فهارس كتاب سيبويه» ٧٦٢.