.................................................................................................
______________________________________________________
بخطّه ما نصّه : أقول : هو من وجوه ، الأوّل : أنّ الوقت سبب لحدوث الوجوب بحدوثه ، وأمّا المكان فليس بسبب أي لأنّه من ضرورة الفعل فلا سببيّة له. الثاني : أنّ الوقت لا يمكن تعدّده فهو من مشخّصات الأفعال ، فقبله لا يجب ، لأنّه غير المنذور ، وبعده يمتنع عوده ، فلا يكون الفعل في غيره هو المنذور ، بل يكون مغايراً ، الثالث : أنّ النذر يصيّر الوقت المنذور فيه وقتاً لتلك العبادة محدوداً كما يجعل النصّ ، كما لو نصّ الشارع على أنّ وقت العبادة الفلانية هو الوقت الفلاني ، انتهى.
ونقل في «جامع المقاصد» أنّ الفخر استدلّ أيضاً بأنّ كراهية الوقت مختصّة بالنوافل المبتدئة دون الفرائض ، بخلاف المكان فإنّه يعمّها (١). وقال في «نهاية الإحكام». لو عيّن الزمان تعيّن سواء اشتمل على المزيّة كيوم الجمعة أو لا ، لأنّ البقاء غير معلوم والتقدّم ممنوع ، لأنّه فعل الواجب قبل وجوبه فلا يقع مجزياً ، كما لو صلّى الفرض قبل وقته (٢) ، انتهى.
وفرّق لهم في «كشف اللثام» بأنّ الزمان لا يخلو عن المزيّة ، فإنّ المسارعة إليها في كلّ وقت أفضل من التأخير عنه ، واشتراط المكان معناه تحصيل الكون فيه للصلاة ، فما لم يكن راجحاً لم ينعقد. واشتراط الزمان معناه عدم الوجوب في غيره ، إذ لا تحصيل هنا للخروج عن قدرة العبد. ثمّ قال : وإنّما يتمّ لو قصد الناذر في المكان ما ذكر يعني تحصيل الكون فيه للصلاة ، ويجوز أن لا يقصد إلّا عدم الوجوب في غيره فيكون كالزمان (٣) ، انتهى.
وقد ذكر في «الذكرى» الوجه الأوّل من وجوه الفخر ، ثمّ قال : ولقائل أن يقول لا نسلّم سببية الوقت هنا للوجوب ، وإنّما سبّب الوجوب الالتزام بالنذر وشبهه ، والمكان والزمان أمران عارضان ، إذ من ضرورات الأفعال الظروف ولا يلزم من سببيّة الوقت للوجوب في الصلوات بالأصالة ثبوته هنا. ثمّ قال : وقد يجاب بأنّ
__________________
(١) جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٦.
(٢) نهاية الأحكام : في صلاة النذر ج ٢ ص ٨٥.
(٣) كشف اللثام : في صلاة النذر ج ٤ ص ٣٧٧.