.................................................................................................
______________________________________________________
خبر أبي بصير وزرارة بمعنى آخر ستعرفه.
قال الاستاذ دام الله ظلّه العالي : إنّ كثرة الشكّ متفاوتة شدّةً وضعفاً ، فمنها الضعيفة الّتي بأدنى حضور القلب ترتفع ، ومنها ما هو أشدّ لا يرتفع إلّا بكمال التوجّه ، ومنها ما هو أشدّ لا يرتفع إلّا بتخفيف الصلاة ، ومنها ما لا يرتفع إلّا بالعدّ ، ومنها ما لا يرتفع بشيءٍ من ذلك ، وهذا ما نحن فيه ، وهو المراد من أخبار الباب وكذا غيره من المراتب السابقة عليه إذا كان من الشيطان مريداً أن يطاع ويعصى الله كأن تثقل عليه العبادة ويبغضها وينفر منها ويصدر منه إبطالها ونحو ذلك ، وكذا إذا آل العدّ إلى الحرج. وأمّا إذا آل إلى العسر فقد يقال بأنه يدخل في تلك الأخبار الاخر في قولهم عليهمالسلام «لا بأس» وكذا في أمرهم إذا كان محمولاً على الاستحباب ، لأنّ العسر لا ينافي الاستحباب والأولوية. والحاصل أن المكلّف لا بدّ أن يلاخظ مفاسد إطاعة الشيطان ويلاحظ وجوب الامتثال في أعظم الفرائض ويحصله بما أمكنه لكنّ الشيطان كثيراً ما يختدعه فيقول لم تصر كثير الشكّ ونحو ذلك (١).
وأمّا خبر أبي بصير (٢) فقد قال في «مجمع البرهان» : إنّ المراد بكثرة الشكّ أوّلاً غير المرتبة التّي لا حكم لها فكانه باعتبار أفراد المشكوك كما يشعر به «حتّى لا يدري» ويحتمل كونها تلك المرتبة ويكون الحكم بعدم الحكم فيها للتخيير لا الوجوب (٣).
قلت : الحمل الأوّل هو الصواب إن كان مراده بأفراد المشكوك كثرة احتمالات شكّه وأطرافه لا كثرة عدد شكّه على قياس ما في أخبار كثيرة من أنّ مَن شكّ فلم يدر كم صلّى تجب عليه الإعادة ، ولكن رواية عليّ بن حمزة (٤) وردت بهذا المضمون والإمام عليهالسلام قال : «فليمض في صلاته ويتعوّذ بالله من الشيطان».
__________________
(١) مصابيح الظلام : في حكم كثير السهو ج ٢ ص ٣٦٧ س ١٥ وس ٢١ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).
(٢) تقدم في ص ٤٢٩.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٤٢.
(٤) وسائل الشيعة : باب ١٦ من أبواب الخلل في الصلاة ح ٤ ج ٥ ص ٣٢٩.