(الواجب سقطت) كلّ من تعرّض لهذا الفرع استند إلى امتناع توقيت الفعل بما لا يسعه ، وهي قاعدة مسلّمة إجماعية عندهم كما في «جامع المقاصد (١)» وقد علمت أنّها في الكسوفين موقّتة. وقال في «الحدائق» : هذه القاعدة عندهم من الأدلّة العقلية الّتي يوجبون تقديمها على الأدلّة الشرعية ، والأمر عندنا بالعكس ، لأنّه لم يقم عليها دليل شرعي ، فلا يعتمد عليها ، مع معارضة الأخبار لها (٢). وقد اقتفى بذلك أثر صاحب «الذخيرة (٣)».
وفيه أنّ الأخبار لم تدلّ على السببية وإنّما دلّت على التوقيت. وقد عرفت حال ما يمكن معارضاً منها ويأتي ما يزيده وضوحاً. وأوّل من صرّح بهذا الفرع المحقّق (٤) ، ووافقه عليه كلّ مَن تأخّر عنه ممّن تعرّض له كما عرفت آنفاً. نعم قال في «كشف اللثام» فيه : جواز التوقيت بالمعنى الّذي احتمله في نهاية الإحكام في الزلزلة وهو أن يكون أوّل الكسوف وقتاً لابتداء الصلاة فتجب المبادرة إليها ويمتدّ الوقت مقدار الصلاة ، ثمّ تصير قضاءً (٥). قلت : هذا الاحتمال هنا أقوى منه هناك لما قاله في «الذكرى» قال : قال الفقهاء : المطلوب بالصلاة ردّ النور إلى الشمس والقمر (٦) ، فليتأمّل جيّداً.
وقد انقدح هنا إشكال نشأ من قولهم : لو قصر زمانها عن أقلّ الواجب سقطت ، ومن قولهم بوجوبها مع اتساع زمان الكسوف بعلمٍ أو ظنٍّ غالب كأن يكون رصدياً أو يرجع إلى قول رصدي ، صرّح بهذا جماعة كثيرون كالشهيدين (٧)
__________________
(١) جامع المقاصد : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٤٧٣.
(٢) الحدائق الناضرة : في صلاة الآيات ج ١٠ ص ٣٠٨.
(٣) ذخيرة المعاد : في صلاة الآيات ص ٣٢٥ س ١١.
(٤) المعتبر : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٣٤١.
(٥) كشف اللثام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ٣٦٨.
(٦) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢١٥.
(٧) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٠٨ ، ومسالك الأفهام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٥٩.