بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله (١)
الحمد لله الأوّل بلا ابتداء ، والآخر بلا انتهاء ، الدائم بلا انقضاء ، المحيط علمه بجميع الأشياء. أحمده على ما أولانا من النّعماء ، وأشكره على ما خصّنا به من جزيل العطاء ، حمدا كثيرا يستوجب ثواب أهل الثّناء ، ويستمدّ المزيد من فضله بلا انقطاع ولا وناء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ إله جلّ في الصّفات والأسماء ، وتقدّس عن سمات الحدوث وحلول الفناء. وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، المبعوث بأصدق الأنباء ، المنعوت بأشرف الأخلاق وأكرم الآراء ، صلى الله عليه وعلى آله البررة الأتقياء وعلى صحبه والتّابعين لهم صلاة دائمة دوام الأرض والسّماء وسلّم وشرّف وعظّم.
وبعد ، فهذا كتاب نذكر فيه من كان بمدينة السّلام من الأئمة المهديين الخلفاء ، وولاة عهودهم ، والوزراء ، وأرباب الولايات ، والنّقباء ، والقضاة ، والعدول ، والخطباء ، والفقهاء ، ورواة الحديث ، والقرّاء ، وأهل الفضل والأدب والشّعراء ، ومن قدمها من أهل العلم والرّواية وحدّث بها ، أو سمع بها وروى بغيرها من الغرباء ؛ جعلناه تاليا لكتاب «التاريخ» الذي ألّفه تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السّمعانيّ المروزيّ ومذيّلا عليه ، وقفونا أثره فيما رسمه ورتّبه. وبدأنا من حيث انتهى إليه ووقف عنده إلى زماننا الذي نحن فيه وعصرنا الذي شاهدنا أهله. وأوردنا عن كلّ واحد ممن ذكرناه حديثا أو حكاية أو إنشادا مما وقع إلينا عنه ، سالكين في ذلك سبيل الاختصار ، دون الإطالة والإكثار. واستدركنا عليه ذكر جماعة فاته ذكرهم ولم يضمّنهم كتابه وكانوا من شرطه ؛ إما
__________________
(١) بعد هذا في «ش» : «قال الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن سعيد بن يحيى ابن الدبيثي الواسطي رضياللهعنه». ولا شك أن هذا من كلام الناسخ.