أبي إبراهيم بن أبي بكر المعروف بابن الخجندي (١).
رئيس مقدّم هو ، وأبوه ، وجدّه ، وجدّ أبيه. من أهل أصبهان ، وكلّ واحد منهم يلقّب صدر الدين.
قدم أبو بكر هذا مع أبيه بغداد وهو صبي دون البلوغ لما حج في سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، وخرج معه إلى مكة ، وعاد إلى أصبهان بعد وفاة أبيه ، فإنّه توفي في توجهه إليه (٢) ، وصار رئيس الشّافعية بها على عادة سلفه.
ثم قدم بغداد بعد ذلك في سنة ثمان وثمانين وصادف من الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ قبولا ، ونائب الوزارة يومئذ مؤيد الدّين أبو الفضل محمد بن عليّ ابن القصّاب ، وأكرم وأجري له الجرايات الوافرة وأنعم في حقّه ما لم ينعم في حقّ أحد من أمثاله ، وفوّض إليه النظّر في المدرسة النّظامية ووقفها. ولم يزل مغمورا بسوابغ الإنعام مكرّما غاية الإكرام إلى أن خرج الوزير مؤيد الدّين المذكور متوجها إلى خوزستان في شوّال سنة تسعين وخمس مئة فخرج معه ، فلما فتح الوزير أصبهان وخرج من مكان بها من المخالفين جعل بها من أمراء الخدمة النّاصرية ـ خلّد الله ملكها ـ الأمير سنقر الطّويل وأذن لابن الخجندي المذكور بالمقام بها أيضا ، فكان على ذلك إلى أن بدا منه ما وحش بينه بين الأمير سنقر وأدت الحال إلى أن قتل ابن الخجندي في خفية لم يتحقق من قتله (٣) ، وذلك في جمادى الأولى أو الآخرة سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، فوصل نعيه
__________________
(١) الخجندي : منسوب إلى خجند ، قال المنذري : «بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون وآخرها دال مهملة مدينة كبيرة على طرف سيحون ، ويقال لها خجندة أيضا بزيادة تاء التأنيث». وراجع معجم البلدان لياقوت (٢ / ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ط. أوربا) وقال فيها «خجندة».
(٢) سنة ٥٨٠ ه (السبكي : طبقات ٧ / ١٨٦) ، وكما سيأتي في ترجمته (١٩٩٤).
(٣) قال الذهبي في تاريخ الإسلام : «قتله فلك الدين سنقر الطويل متولي أصبهان» ، وهو قول ابن الأثير في الكامل ، وهذا الذي ذكره ابن الدبيثي لعله يمثل الرواية الرسمية التي يتحاشى ابن الدبيثي أن يذكر غيرها.