صدر ذو فضل وافر ، ومعرفة حسنة بالكتابة ، ورأي حصيف ، وتجربة تامّة. لم تزل به همته العالية وتقلبه في الأحوال حضرا وسفرا حتى أسفر صبح أمله عن بلوغ أقصى غرضه ، وشمله من إنعام المواقف المقدّسة الطاهرة الزّكيّة الإماميّة النّاصرية ـ ضاعف الله جلالها وأسبغ على كافة الخلائق ظلالها ـ ما ظهر به اختصاصه ، فاستقدم من شيراز في سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، وولّي ديوان الإنشاء المعمور في رمضان منها.
ولم تزل أمارات القبول تلوح عليه ، وحسن الآراء المقدّسة تنمو فيه ، ودرجات الحضوة تتراقى به ، وردّت إليه الدّواوين كلّها ، وصدرت الأمور عن تدبيره مخاطبا بنيابة ديوان المجلس مضافا إلى الإنشاء.
وفي رجب سنة تسعين وخمس مئة مثل بباب الحجرة الشريفة وشرّف بخلع جميلة ، ولبس خلعة الوزارة وتقدّم بمخاطبته بالوزير. وفي يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان من السنة حضر بباب الحجرة الشّريفة وأفيضت عليه خلعة الوزارة بمحضر من أرباب المناصب والولايات ، وأنطي المركوب اللّائق بهذه الولاية ، وسلّم إليه العهد ، ومشى الخلق بين يديه إلى الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ وجلس بالإيوان في دست الوزارة ، وكتب إنهاء إلى العرض الأشرف ، وتولّى عرضه حاجب الباب أبو القاسم الحسن بن نصر ابن النّاقد ، وبرز جوابه وقرىء بما قوّى منّته ، وزاد في جأشه ، ونهض إلى داره ومعه الجماعة.
وفي يوم الاثنين رابع عشري رمضان المذكور برز إلى مخيّمه ظاهر مدينة السّلام متوجها إلى بلاد خوزستان ، وأقام إلى سلخ شهر رمضان وعيّد بالخيم.
وتوجه في أوائل شوّال قاصدا تستر وأعمالها ، وبها يومئذ بنو شملة التّركمان ، واستناب بديوان المجلس ولده شمس الدين أبا الفضل أحمد ، فحيث وافاها خرجوا إليه وسلّموا البلاد طائعين راضين بأن يكونوا من جملة من يستخدم بالحضرة الشّريفة ، فتسلّمها وأقام بها من أمراء الخدمة الشريفة من رآه.
ثم توجه منها نحو همذان والرّي وأصبهان ، فما مرّ بناحية ولا ولاية إلا ابن الدبيثي ١ / م ٣٣