قالوا : وجاء معمر بن عبد الله بن نضلة ، فأخرج الراحلة فأناخها بالوادي.
ثم انتهى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى المقام ، وهو لاصق بالكعبة ، والدرع عليه ، والمغفر ، وعمامته بين كتفيه ، فصلى ركعتين.
ثم انصرف إلى زمزم ، فاطلع فيها ، وقال : «لو لا أن تغلب بنو عبد المطلب (على سقايتهم) لنزعت منها دلوا».
فنزع له العباس بن عبد المطلب ـ ويقال الحرث بن عبد المطلب ـ دلوا ، فشرب منه ، وتوضأ (١) ، والمسلمون يبتدرون وضوء رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يصبونه على وجوههم ، والمشركون ينظرون إليهم ، ويتعجبون ، ويقولون : ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به (٢).
زاد في الحلبية قوله : «لا تسقط قطرة إلا وفي يد إنسان ، إن كان قدر ما يشربها شربها ، وإلا مسح بها جلده ، والمشركون يقولون : ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به» (٣).
وأمر بهبل فكسر وهو واقف عليه ، فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان بن حرب : يا أبا سفيان ، قد كسر هبل ، أما إنك قد كنت منه يوم أحد في غرور ، حين تزعم أنه أنعم.
فقال أبو سفيان : دع عنك هذا يابن العوام ، فقد أرى لو كان مع إله
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٣٢.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٥ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٧ و ٨٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٥.
(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨٨.