وقال في موضع آخر : «معلوم أن ذلك لم يكن إلا من تلقاء نفسه ، لعلمنا : بأن الوحي لم ينزل عليه في تلك الحالة ، ولو لا أن الحكم مفوض إليه لما ساغ ذلك» (١).
ولكن الآمدي نفسه قد ذكر : أن بعضهم أجاب عن ذلك بقوله : «إن الإذخر ليس من الخلا ، فلا يكون داخلا فيما حرم. وعلى هذا ، فإباحته تكون بناء على استصحاب الحال. والإستثناء من العباس والنبي «عليهالسلام» كان تأكيدا. وبتقدير أن يكون مستثنى حقيقة مما حرم بطريق التأسيس ، لكن من المحتمل أن يكون ذلك بوحي سابق ، وهو الأولى ، لقوله تعالى في حق رسول الله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢). أما أن يكون ذلك من تلقاء نفسه من غير دليل فلا» (٣).
ونقول :
ألف : إن من الواضح : أن العباس قد قطع على النبي «صلىاللهعليهوآله» كلامه ، ولم يمهله ليستثني الإذخر ولا غيره .. ولعل سكوت النبي «صلىاللهعليهوآله» لفترة قصيرة في تلك اللحظة كان لإظهار انزعاجه من هذه المداخلة ، التي تخرج عن حدود المقبول في التعامل مع الأنبياء ، بل ومع غيرهم أيضا ..
ب : على أننا في غنى عن التذكير بأن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ج ٤ ص ١٨٤.
(٢) الآيتان ٣ و ٤ من سورة النجم.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام ج ٤ ص ١٤٤ و ١٤٥ ..