وخرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» من العقبة ينتظر الناس ، وقال لحذيفة : هل عرفت أحدا من الركب ، الذين رددتهم؟
قال : يا رسول الله ، قد عرفت رواحلهم ، وكان القوم متلثمين فلم أبصرهم من أجل ظلمة الليل.
قال : «هل علمتم ما كان من شأنهم وما أرادوا»؟
قالوا : لا والله يا رسول الله.
قال : «فإنهم مكروا ليسيروا معي ، فإذا طلعت العقبة زحموني فطرحوني منها ، وإن الله تعالى قد أخبرني بأسمائهم ، وأسماء آبائهم ، وسأخبركم بهم إن شاء الله تعالى».
قالوا : أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاء الناس أن تضرب أعناقهم؟
قال : «أكره أن يتحدث الناس ويقولوا : إن محمدا قد وضع يده في أصحابه» ، فسماهم لهما ، ثم قال : «اكتماهم» ؛ فانطلق إذا أصبحت ، فاجمعهم لي.
فلما أصبح رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال له أسيد بن الحضير : يا رسول الله ، ما منعك البارحة من سلوك الوادي؟ فقد كان أسهل من العقبة؟
فقال : «أتدري يا أبا يحيى ، أتدري ما أراد بي المنافقون ، وما هموا به؟
قالوا : نتبعه من العقبة ، فإذا أظلم عليه الليل قطعوا أنساع راحلتي ، ونخسوها حتى يطرحوني عن راحلتي».
فقال أسيد : يا رسول الله ، قد اجتمع الناس ونزلوا ، فمر كل بطن أن يقتل الرجل الذي همّ بهذا ، فيكون الرجل من عشيرته هو الذي يقتله ، وإن أحببت ـ والذي بعثك بالحق ـ فنبئني بأسمائهم ، فلا أبرح حتى آتيك برؤوسهم.