الدهر كله ، فو الله ما لكم أمر دون أن تقتلوا هذا الرجل ، فدعاه رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال : «ويحك ، ما كان ينفعك من قتلي لو أني قتلت يا عدو الله»؟
فقال عدو الله : يا نبي الله ، والله ما تزال بخير ما أعطاك الله تعالى النصر على عدوك ، فإنما نحن بالله وبك ، فتركه رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وقال لحذيفة : «ادع مرة بن الربيع» ، وهو الذي ضرب بيده على عاتق عبد الله بن أبي ثم قال : تمطى ، أو قال : تمططي والنعيم كائن لنا بعده ، نقتل الواحد المفرد ، فيكون الناس عامة بقتله مطمئنين.
فدعاه رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال : «ويحك ، ما حملك على أن تقول الذي قلت؟
فقال : يا رسول الله ، إن كنت قلت شيئا من ذلك فإنك العالم به ، وما قلت شيئا من ذلك (١).
فجمعهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهم اثنا عشر رجلا الذين حاربوا الله تعالى ورسوله ، وأرادوا قتله (٢) ، فأخبرهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» بقولهم ، ومنطقهم ، وسرهم وعلانيتهم ، وأطلع الله نبيه «صلى الله عليه وآله» على ذلك ، وذلك قوله عز وجل : (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا)(٣).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٦٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٢٥٨ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٣٤٥.
(٢) سبل الهدى والرشاد ٥ ص ٤٦٨ ومجمع البيان ج ٥ ص ٩١ ، وتفسير القرآن للصنعاني ج ٢ ص ٣٧٢ و ٣٧٣ والبداية والنهاية ج ٥ ص ١٩.
(٣) الآية ٧٤ من سورة التوبة.