إننا لم نجد في الواقع العملي ما يشير إلى أن المدينة قد نفت خبث أهلها فعلا. بل بقي الذين مردوا على النفاق فيها ، وكان عددهم يزداد ، ونفوذهم وخطرهم يتضاعف ، حتى إن أكثر آيات سورة التوبة قد نزلت فيهم ، وكانت لهجتها بالغة القسوة. كما يعلم بالمراجعة.
ولو أن ذلك قد كان بالفعل ، فينبغي أن نجد سيماء الصلاح ظاهرة على جميع أهلها ، أو على أكثرهم ، أو على الكثيرين منهم على الأقل ..
مع أننا نلاحظ : أن ثمة اختلافا كبيرا بينهم وبين غيرهم من أهل البلاد الأخرى .. حيث ظهر منهم الإنحراف عن أهل بيت النبوة ، ثم أشاع فيهم الأمويون المجون والفسق ، والفجور ، واللهو والباطل كما هو معروف ، وفي التاريخ موصوف.
وإن كان المراد بنفي الخبث : إخراج شرارها منها ، كما صرحت به بعض الروايات : «لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير
__________________
وشرح مسلم للنووي ج ٩ ص ١٥٣ وعمدة القاري ج ١٨ ص ١٨٠ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٤٩٣ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ٤٥٢ والسنن الكبرى للنسائي ج ٦ ص ٣٢٦ واللمع في أسباب ورود الحديث لجلال ص ٥٤ وجامع البيان للطبري ج ٥ ص ٢٦٢ وتفسير الثعلبي ج ٣ ص ٣٥٥ وتفسير البغوي ج ١ ص ٤٥٩ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٣٠٦ والدر المنثور ج ٢ ص ١٩٠ وفتح القدير ج ١ ص ٤٩٧ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ١٦٧ وعيون الأثر ج ١ ص ٤٠٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٣ ص ٣٠٨ وج ٤ ص ١٨٩ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٨٦ والفتوحات المكية لابن العربي ج ١ ص ٧٥٩.