البحر المحيط في شمال (١) الأندلس ، قال : ويتقهقر البرّ بعد تميز هذا الركن إلى الشمال في بلاد الفرنجة ، ولهم به جزائر كثيرة. ودوكرا (٢) الركن الشمالي عند شنت ياقوه من ساحل الجلالقة في شمال الأندلس ، حيث تبتدىء جزيرة برطانية الكبيرة فيتصوّر هنالك بحر داخل بين أرضين ، من الناس من يجعله بحرا منفردا خارجا من البحر المحيط لطوله إلى الركن المتقدّم الذكر عند مدينة برديل
وذكر الشريف أن عند شنت ياقوه في هذا الركن المذكور على جبل بمجمع البحرين صنما مطلّا مشبها بصنم قادس.
والركن الثالث بمقربة من جبل الأغن (٣) حيث صنم قادس ، والجبل المذكور يدخل من غربه مع جنوبه بحر الزّقاق من البحر المحيط مارّا مع ساحل الأندلس الجنوبي إلى جبل ألبرت المذكور ، انتهى ، والكلام في مثل هذا طويل الذيل.
قال الشيخ أحمد بن محمد بن موسى الرازي : بلد الأندلس هو آخر الإقليم الرابع إلى المغرب ، وهو عند الحكماء بلد كريم البقعة ، طيب التربة ، خصب الجناب ، منبجس الأنهار (٤) الغزار والعيون العذاب ، قليل الهوامّ ذوات السموم ، معتدل الهواء والجوّ والنسيم ، ربيعه وخريفه ومشتاه ومصيفه على قدر من الاعتدال ، وسطة من الحال ، لا يتولّد في أحدها فصل (٥) يتولّد منه فيما يتلوه انتقاص ، تتّصل فواكهه أكثر الأزمنة وتدوم متلاحقة غير مفقودة ، أمّا الساحل منه ونواحيه ، فيبادر بباكوره ، وأما الثغر وجهاته والجبال المخصوصة ببرد الهواء ، فيتأخّر بالكثير من ثمره ، فمادة الخيرات بالبلد متمادية في كل الأحيان ، وفواكهه على الجملة غير معدومة في كل أوان. وله خواصّ في كرم النبات توافق في بعضها أرض الهند المخصوصة بكرم النبات وجواهره (٦) : منها أن المحلب ـ وهو المقدّم في الأفاويه والمفضّل في أنواع الأشنان ـ لا ينبت بشيء من الأرض إلّا بالهند والأندلس.
وللأندلس المدن الحصينة ، والمعاقل المنيعة ، والقلاع الحريزة ، والمصانع الجليلة ،
__________________
(١) في ب : شماليّ.
(٢) في ب : وذكر أن
(٣) في ب : الأغر.
(٤) في ب : بالأنهار.
(٥) في ب : فضل.
(٦) في ب : يوافق في بعضها أرض الهند المخصوصة بجواهر الإنبات.