قال الحجاري في موضع من كتابه : إن طول الأندلس من الحاجز إلى أشبونة ألف ميل ونيف. انتهى.
وبالجملة ، فالمراد التقريب من غير مشاححة ، كما قاله ابن سعيد ، وأطال في ذلك ، ثم قال بعد كلام : ومسافة الحاجز الذي بين بحر الزّقاق والبحر المحيط أربعون ميلا ، وهذا عرض الأندلس عند رأسها من جهة الشرق ، ولقلّته سمّيت جزيرة ، وإلّا فليست بجزيرة على الحقيقة لاتصال هذا القدر بالأرض الكبيرة ، وعرض جزيرة الأندلس في موسّطها (١) عند طليطلة ستة عشر يوما. واتفقوا على أن جزيرة الأندلس مثلثة الشكل ، واختلفوا في الركن الذي في الشرق والجنوب في حيز أربونة ، فممّن قال إنه في أربونة وإن هذه المدينة تقابلها مدينة برذيل التي في الركن الشرقي الشمالي أحمد بن محمد الرازي وابن حيّان ، وفي كلام غيرهما أنه في جهة أربونة ، وحقّق الأمر الشريف ، وهو أعرف بتلك الجهة لتردّده في الأسفار برّا وبحرا إليها وتفرّغه لهذا الفن.
قال ابن سعيد : وسألت جماعة من علماء هذا الشأن فأخبروني أنّ الصحيح ما ذهب إليه الشريف ، وأنّ أربونة وبرشلونة غير داخلتين في أرض الأندلس ، وأن الركن الموفي على بحر الزقاق بالمشرق بين برشلونة وطرّكونة في موضع يعرف بوادي زنلقطو (٢) ، وهنالك الحاجز الذي يفصل بين الأندلس والأرض الكبيرة ذات الألسن الكثيرة ، وفي هذا المكان جبل ألبرت الفاصل في الحاجز المذكور وفيه الأبواب التي فتحها ملك اليونانيين بالحديد والنار والخل ، ولم يكن للأندلس من الأرض الكبيرة قبل ذلك طريق في البرّ. وذكر الشريف أن هذه الأبواب يقع في مقابلتها في بحر الزقاق البحر الذي بين جزيرتي ميورقة ومنورقة (٣) ، وقد أخبر بذلك جمهور المسافرين لتلك الناحية ، ومسافة هذا الجبل الحاجز بين الركن الجنوبي والركن الشمالي أربعون ميلا.
قال : وشمال الركن المذكور عند مدينة برديل (٤) ، وهي من مدن الإفرنجة ، مطلّة على
__________________
(١) في ب : موسطتها.
(٢) في ب : زنلقاطو.
(٣) ميورقة : هي جزيرة في البحر الزقاقي تسامتها من القبلة بجاية من بر العدوة بينهما ثلاثة مجار ، ومن الجوف برشلونة من بلاد أرغون ، وبينهما مجرى واحد. وطول ميورقة من الغرب إلى الشرق سبعون ميلا وعرضها من القبلة إلى الجوف خمسون ميلا. فتحها المسلمون سنة (٢٩٠ ه) (صفة جزيرة الأندلس ص ١٨٨).
ومنورقة قريبة من ميورقة ، وكانت الجزيرتان في عصر ملوك الطوائف تحت حكم مجاهد العامري.
(٤) في ب برذيل.