على أمثال الآدميين ، تشير أن لا عبور ولا مسلك وراءها. وفيه بجهة الشمال جزائر السعادات ، وفيها من المدن والقرى ما لا يحصى ، ومنها يخرج قوم يقال لهم المجوس على دين النصارى : أولها جزيرة برطانية ، وهي بوسط البحر المحيط بأقصى شمال الأندلس ، ولا جبال فيها ، ولا عيون ، وإنما يشربون من ماء المطر ، ويزرعون عليه.
قال ابن سعيد : وفيه جزيرة شلطيش (١) ، وهي آهلة وفيها مدينة ، وبحرها كثير السمك ، ومنها يحمل مملّحا إلى إشبيلية ، وهي من كورة لبلة مضافة إلى عمل أونبة ، انتهى.
وقال بعضهم ، لما أجرى ذكر قرطاجنة من بلاد الأندلس : إن الزرع في بعض أقطارها يكتفي بمطرة واحدة ، وبها أقواس من الحجارة المقربصة ، وفيها من التصاوير والتماثيل وأشكال الناس وصور الحيوانات ما يحيّر البصر والبصيرة ، ومن أعجب بنائها الدواميس ، وهي أربعة وعشرون على صفّ واحد من حجارة مقربصة ، طول كل داموس مائة وثلاثون خطوة في عرض ستّين خطوة ، وارتفاع كل واحد أكثر من مائتي ذراع ، بين كل داموسين أنقاب محكمة تتصل فيها المياه من بعضها إلى بعض في العلوّ الشاهق بهندسة عجيبة وإحكام بديع ، انتهى.
قلت : أظن هذا غلطا ؛ فإن قرطاجنة التي بهذه الصفة قرطاجنة إفريقية ، لا قرطاجنة الأندلس ، والله أعلم.
وقال صاحب مناهج الفكر ، عندما ذكر قرطاجنة : وهي على البحر الرومي مدينة قديمة بقي منها آثار ، لها فحص طوله ستة أيام وعرضه يومان معمور بالقرى ، انتهى.
وذكر قبل ذلك في لورقة أنّ بناحيتها يوجد حجر اللازورد. وفي البحر الشامي الخارج من المحيط جزيرتي ميورقة ومنورقة ، وبينهما خمسون ميلا ، وجزيرة ميورقة مسافة يوم ، بها مدينة حسنة ، وتدخلها ساقية جارية على الدوام ، وفيها يقول ابن اللّبّانة (٢) : [الكامل]
__________________
(١) شلطيش : بالأندلس بالقرب من مدينة لبلة وهي جزيرة لا سور لها ، إنما هي بنيان متصل بعضه ببعض ، وبها دار صناعة الحديد ، وهي صنعة المراسي التي ترسو فيها النفس ويحيط البحر بجزيرة شلطيش من كل ناحية (صفة جزيرة الأندلس ص ١١٠).
(٢) ابن اللبانة : هو أبو بكر محمد بن عيسى شاعر دولة المعتمد ومؤلف كتاب سقيط الدرر ولقيط الزهر في شعر ابن عباد توفي سنة (٥٠٧ ه) بميورقة (المغرب ٢ : ٤٠٩).