وهل زدت إذ وفّيتهم صاع قرضهم |
|
فوافوا منايا قدّرت ومصارعا(١) |
فهذي بلادي ، إنني قد تركتها |
|
مهادا ، ولم أترك عليها منازعا |
وقال ابن حزم في حقه (٢) : إنه كان من المجاهرين بالمعاصي ، السافكين للدماء ، ولذلك قام عليه الفقهاء والصلحاء.
وقال غير واحد (٣) : إنه تنصّل أخيرا ، وتاب ، سامحه الله!.
ومن نظمه قوله متغزّلا (٤) : [البسيط]
قضب من البان ماست فوق كثبان |
|
ولّين عنّي وقد أزمعن هجراني(٥) |
ومنها :
من لي بمقتضبات الروح من بدني |
|
يغصبنني في الهوى عزّي وسلطاني |
وقيل : إنه كان يمسك أولاد الناس ويخصيهم ، ونقلت عنه أمور ، ولعلّه تاب منها كما قدّمنا ، والله أعلم بحقيقة أمره.
ومن بديع أخبار الحكم أن العباس الشاعر توجّه إلى الثّغر ، فلمّا نزل بوادي الحجارة سمع امرأة تقول : وا غوثاه بك يا حكم ، لقد أهملتنا حتى كلب العدوّ علينا ، فأيّمنا وأيتمنا ، فسألها عن شأنها ، فقالت : كنت مقبلة من البادية في رفقة ، فخرجت علينا خيل عدوّ ، فقتلت وأسرت ، فصنع قصيدته التي أوّلها : [الطويل]
تململت في وادي الحجارة مسئدا (٦) |
|
أراعي نجوما ما يرون تغيّرا (٧) |
إليك أبا العاصي نضيت مطيّتي |
|
تسير بهمّ ساريا ومهجّرا |
تدارك نساء العالمين بنصرة |
|
فإنك أحرى أن تغيث وتنصرا |
فلما دخل عليه أنشده القصيدة ، ووصف له خوف الثغر ، واستصراخ المرأة باسمه ، فأنف
__________________
(١) في ب : وهل زدت أن ...
(٢) انظر المغرب ج ١ ص ٤٤.
(٣) في ب : وقال غيره.
(٤) البيتان من قصيدة ورد منها في (أخبار مجموعة ص ١٢١ أربعة أبيات).
(٥) القضب : جمع قضيب ، وهو الغصن وتشبه العرب قدود الحسان بالقضب. والكثبان : جمع كثيب ، وهو ما اجتمع من الرمل وتشبه العرب ردف المرأة بالكثيب. وأزمعن : عزمن.
(٦) في ب : مسهرا.
(٧) في ب : ما يردن تغوّرا.