طليطلة (١) ، فعاث في نواحي ألبة والقلاع ، وفتح بعض حصونها ، ورجع. وبعث عساكر أخرى إلى نواحي برشلونة وما وراءها ، فعاثوا فيها وفتحوا حصونا من برشلونة ورجعوا.
ولما استمدّ أهل طليطلة المخالفون من أهل بلاد الأمير محمد عليه بملكي جلّيقية والبشكنس لقيهم الأمير محمد على وادي سليطة ، وقد أكمن لهم ، فأوقع بهم ، وبلغت عدّة القتلى من أهل طليطلة والمشركين عشرين ألفا.
وفي سنة خمس وأربعين ظهرت مراكب المجوس ، وعاثوا في الأندلس ، فلقيهم مراكب الأمير محمد ، فقاتلوهم وغنموا منهم مركبين ، واستشهد جماعة من المسلمين.
وفي سنة سبع وأربعين أغزى محمد إلى نواحي ينبلونة (٢) ، وصاحبها حينئذ غرسية بن وبقة ، وكان يظاهر أردن بن أذفنش ، فعاث في نواحي ينبلونة ، ورجع وقد دوّخها وفتح كثيرا من حصونها ، وأسر فرتون ابن صاحبها ، فبقي أسيرا بقرطبة عشرين سنة.
ثم بعث سنة إحدى وخمسين أخاه المنذر في العساكر إلى نواحي ألبة والقلاع فعاثوا فيها ، وجمع لذريق للقائهم ، فلقيهم وانهزم ، وأثخن المسلمون في المشركين بالقتل والأسر ، فكان فتحا لا كفاء له.
ثم غزا الأمير محمد بنفسه سنة إحدى وخمسين بلاد الجلالقة ، فأثخن وخرّب.
وفي سنة ثلاث وستّين أغزى الأمير محمد ابنه المنذر إلى دار الحرب ، وفي السنة التي بعدها إلى بلاد ينبلونة فدوّخها ورجع.
وفي سنة ثمان وستّين أغزاه أيضا إلى دار الحرب ، فعاث في نواحيها وفتح حصونا.
وفي أيام الأمير محمد خربت ماردة (٣) وهدمت ولم يبق لها أثر.
وذكر بعضهم أنه رأى بالمشرق هذه الأبيات قبل أن تخرب ماردة بأعوام ، ولم يعلم قائلها ، وذلك سنة ٢٥٤ : [الكامل]
__________________
(١) انظر ابن خلدون : ج ٤ : ١٣٠ ـ ١٣٢.
(٢) في ب : بنبلونة.
(٣) ماردة : مدينة بجنوبي قرطبة منحرفة إلى الغرب قليلا ، وكانت مدينة ينزلها الملوك الأوائل ، فكثرت بها آثارهم ، واتصل ملكهم إلى أنه ملك منهم سبعة وعشرون ملكا. ويقال : إن ذا القرنين كان منهم. ثم دخلت أمة القوط فغلبوا على الأندلس فاقتطعوها من صاحب رومة ، وكانت في أيام بني أمية يليها عظماء القوم (صفة جزيرة الأندلس ص ١٧٥).