أحنّ إذا خلوت إلى زمان |
|
تقضّى لي بأفنية الرّبوع |
وأذكر طيب أيام تولّت |
|
لنا فتفيض من أسف دموعي |
وأتوق وقد اتّسع من البعد الخرق ، وخصوصا إذا شدا صادح أو أومض برق (١) ، إلى ديار لا يعدوها اختيار : [الطويل]
وأربع أحباب إذا ما ذكرتها |
|
بكيت ، وقد يبكيك ما أنت ذاكر |
بطاح وأدواح يروقك حسنها |
|
بكلّ خليج نمنمته الأزاهر (٢) |
فما هو إلّا فضّة في زبرجد |
|
تساقط فيه اللؤلؤ المتناثر (٣) |
بحيث الصّبا والتّرب والماء والهوى |
|
عبير وكافور وراح وعاطر |
وما جنّة الدنيا سوى ما وصفته |
|
وما ضمّ منه الحسن نجد وحاجر |
بلادي التي أهلي بها وأحبّتي |
|
وروحي وقلبي والمنى والخواطر (٤) |
تذكّرني أنجادها ووهادها |
|
عهودا مضت لي وهي خضر نواضر (٥) |
إذ العيش صاف والزمان مساعد |
|
فلا العيش مملول ولا الدهر جائر |
بحيث ليالينا كغضّ شبابنا |
|
وأيامنا سلك ونحن جواهر |
ليالي كانت للشبيبة دولة |
|
بها ملك اللّذّات ناه وآمر |
سلام على تلك العهود فإنها |
|
موارد أفراح تلتها مصادر |
وأتذكّر تلك الأيام ، التي مرّت كالأحلام ، فأتمثّل بقول بعض الأكابر الأعلام : [الخفيف]
يا ديار السّرور ، لا زال يبكي |
|
فيك ، إذ تضحك الرياض ، غمام (٦) |
ربّ عيش صحبته فيك غضّ |
|
وعيون الفراق عنّا نيام |
في ليال كأنهنّ أمان |
|
في زمان كأنه أحلام |
وكأنّ الأوقات فيك كؤوس |
|
دائرات وأنسهنّ مدام (٧) |
__________________
(١) أومض البرق : لمع.
(٢) نمنم : زخرف.
(٣) الزبرجد : حجر كريم يشبه الزمرد ، متعدد الألوان.
(٤) في ب : وقلبي وروحي والمنى والخواطر.
(٥) الأنجاد : الأمكنة المرتفعة ، مفردها نجد. والوهاد : الأمكنة المنخفضة : مفردها : وهدة.
(٦) الغمام : السحاب.
(٧) المدام : الخمر.