أيها المغرم المشوق ، هنيئا |
|
ما أنالوك من لذيذ التلاقي |
قل لعينيك تهملان سرورا |
|
طالما أسعداك يوم الفراق |
واجمع الوجد والسرور ابتهاجا |
|
وجميع الأشجان والأشواق |
وأمر العين أن تفيض انهمالا |
|
وتوالي بدمعها المهراق |
هذه دارهم وأنت محبّ |
|
ما بقاء الدموع في الآماق |
وملنا عن الأكوار (١) ، وثملنا من عرف تلك الأنجاد والأغوار ، وتملّينا من هاتيك الأنوار ، وتخلّينا عن الأغيار ، وتحلّينا بحلى الأخيار ، وكيف لا وطيبة مركز للزوّار : [الطويل]
إذا لم تطب في طيبة عند طيّب |
|
به طيبة طابت فأين تطيب؟ |
وإن لم يجب في أرضها ربّنا الدّعا |
|
ففي أيّ أرض للدعاء يجيب؟ |
أيا ساكني أكناف طيبة ، كلّكم |
|
إلى القلب من أجل الحبيب حبيب |
وما أحسن قول عالم الأندلس المالكي اللبيب ، عبد الملك السّلمي المشهور بابن حبيب (٢) : [الكامل]
لله درّ عصابة صاحبتها |
|
نحو المدينة تقطع الفلوات |
ومهامه قد جبتها ومفاوز (٣) |
|
ما زلت أذكرها بطول حياتي |
حتى أتينا القبر قبر محمد |
|
خصّ الإله محمدا بصلات (٤) |
خير البريّة والنبيّ المصطفى |
|
هادي الورى لطرائق لنجاة (٥) |
لمّا وقفت بقربه لسلامه |
|
جادت دموعي واكف العبرات |
ورأيت حجرته وموضعه الذي |
|
قد كان يدعو فيه في الخلوات |
مع روضة قد قال فيها : إنها |
|
مشتقّة من روضة الجنّات (٦) |
وبمنزل الأنصار وسط قبابهم |
|
بيت الهداية كاشف الغمرات |
وبطيبة طابوا ونالوا رحمة |
|
مغنى الكتاب ومحكم الآيات |
__________________
(١) الأكوار : جمع كور : ما يجعل على ظهر الجمل كالسرج.
(٢) هو عبد الملك بن حبيب السلمي فقيه الأندلس ومؤلف (الواضحة في الحديث) توفي سنة ٢٣٨ ه.
(٣) مهامه : مفردها مهمه. الصحراء الواسعة البعيدة التي لا ماء فيها.
(٤) في ب : بصلاة.
(٥) في ب : الجنّات.
(٦) يشير إلى ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم : «ما بين قبري ومنبري روضة من رياضة الجنة».