الاستصلاح والتقية.
فروى في الكافي بسنده إلى بعض الأصحاب عن أبي الحسن (عليهالسلام) (١) قال : «قلت له جعلت فداك انا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم؟ فقال لا اقرأوا كما تعلمتم فسيجيء من يعلمكم».
وروى فيه بسنده إلى سالم بن سلمة (٢) قال : «قرأ رجل على أبي عبد الله (عليهالسلام) ـ وانا استمع ـ حروفا من القرآن ليس على ما يقرأها الناس؟ فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم. الحديث».
وبالجملة فالنظر في الأخبار وضم بعضها إلى بعض يعطي جواز القراءة لنا بتلك القراءات رخصة وتقية وان كانت القراءة الثابتة عنه (صلىاللهعليهوآله) انما هي واحدة وإلى ذلك أيضا يشير كلام شيخ الطائفة المحقة (قدسسره) في التبيان حيث قال : ان المعروف من مذهب الإمامية والتطلع في اخبارهم ورواياتهم ان القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد غير أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء وان الإنسان مخير بأي قراءة شاء قرأ ، وكرهوا تجريد قراءة بعينها. انتهى ومثله أيضا كلام الشيخ أمين الإسلام الطبرسي في كتاب مجمع البيان حيث قال : الظاهر من مذهب الإمامية أنهم أجمعوا على القراءة المتداولة بين القراء وكرهوا تجريد قراءة مفردة والشائع في أخبارهم (عليهمالسلام) ان القرآن نزل بحرف واحد. انتهى.
وكلام هذين الشيخين (عطر الله مرقديهما) صريح في رد ما ادعاه أصحابنا المتأخرون (رضوان الله عليهم) من تواتر السبع أو العشر ، على ان ظاهر جملة من علماء العامة ومحققي هذا الفن إنكار ما ادعى هنا من التواتر أيضا.
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٧٤ من القراءة. وقد صححنا الحديث على كتب الحديث ارجع إلى الوافي باب «اختلاف القراءات» وأصول الكافي باب «ان القرآن يرفع كما انزل» والنوادر.