من الملائكة وامره ان يخفى القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد ، ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة فأمره بالإجهار وكذلك العشاء الآخرة ، فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عليه الفجر فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها. الحديث».
والتقريب في خبر الفضل ظاهر لتصريحه بالوجوب وفي خبر محمد بن عمران لتضمنه الأمر من الله سبحانه لنبيه (صلىاللهعليهوآله) بالجهر والإخفات في تلك الصلوات ، وأوامره ونواهيه عزوجل للوجوب والتحريم بلا خلاف ، وانما الخلاف في الأوامر والنواهي التي في السنة «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (١) ومتى ثبت الحكم في حقه (صلىاللهعليهوآله) ثبت في أمته بدليل استدلال الصادق (عليهالسلام) بذلك على أصل الحكم المذكور ، وهو بحمد الله سبحانه ظاهر لكل ناظر.
و (ثالثها) ـ استدلاله بالآية فإنه وان كان الأمر كما ذكره وقرره إلا ان هذا الإجمال الذي دلت عليه الآية غير معمول عليه لاتفاق الأخبار وكلمة الأصحاب على انقسام الصلاة إلى جهرية وإخفاتية وتعيين الجهرية في صلوات مخصوصة والإخفاتية في صلوات مخصوصة ، وقد دلت الأخبار المتقدمة على وجوب الجهر في الجهرية والإخفات في الإخفاتية فلا بد من تخصيص هذا الإجمال بهذه الأخبار المشار إليها ، وحينئذ فيصير معنى الآية لا تجهر في الجهرية جهرا عاليا زائدا على المعتاد ولا تخافت في الإخفاتية إخفاتا لا تسمع نفسك. واللازم من ذلك الجهر في الجهرية بدون الحد المذكور والإخفات في الإخفاتية فوق الحد المذكور ، ومنه يظهر عدم جواز الاستناد إلى الآية في المقام لما هي عليه من الإجمال المنافي لما فصلته اخبارهم (عليهمالسلام).
ومن الأخبار الواردة بتفسير الآية المذكورة ما رواه العياشي عن سماعة بن
__________________
(١) سورة النور ، الآية ٦٣.