إلا ان ظاهر الخبرين الأولين مع اختصاصهما بالإمام كما اعترف به ان الجهر انما هو في الأولتين خاصة ، اما الأول فبتقريب قوله : «فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها» وقد عرفت ان انقسام الصلاة إلى جهرية وإخفاتية انما هو باعتبار القراءة في الأولتين. واما الثاني فبتقريب قوله «مرتين» يعني في الفريضة فمرة في الفاتحة ومرة في السورة. ويعضد ذلك عدم معلومية كون الامام (عليهالسلام) يختار القراءة في الأخيرتين بل الظاهر من الأخبار ـ كما سيأتي ان شاء الله تعالى في محلها مكشوفة النقاب مرفوعة الحجاب ـ انهم انما كانوا يسبحون وان القراءة في هذه المسألة مرجوحة وأخبارها إنما خرجت مخرج التقية (١) وان كان ذلك خلاف المشهور عندهم كما سيتضح لك ان شاء الله تعالى في ذلك المجال. وبموجب ما ذكرناه فالخبران المذكوران لا دلالة لهما على عموم المدعى ولم يبق إلا ظاهر ما نقله من حديث علامات المؤمن وحديث شعار الشيعة ، والاستدلال بهما على ذلك لا يخلو من نظر وان أوهم إطلاقهما ذلك ، فإن الإطلاق انما ينصرف إلى الفرد الشائع المتكثر وهو القراءة في الأولتين دون الأخيرتين كما سيظهر لك من الأخبار وان كان القراءة أرجح في الدوران في كلامهم والاشتهار.
ومن الأخبار في المقام أيضا ما رواه ثقة الإسلام في روضة الكافي (٢) في الحسن أو الصحيح عن سليم بن قيس في خطبة طويلة يذكر فيها احداث الولاة الذين كانوا قبله فقال : «قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله (صلىاللهعليهوآله)
__________________
(١) قال في بدائع الصنائع ج ١ ص ١١١ في بيان محل القراءة المفروضة : محلها الركعتان الأوليان عينا في الصلاة الرباعية وهو الصحيح من مذهب أصحابنا ، وعند الشافعي يقرأ في كل ركعة وعند مالك في ثلاث ركعات وعند الحسن البصري في ركعة واحدة. واما الأخيرتان فروى أبو يوسف عن أبي حنيفة انه مخير بين القراءة بفاتحة الكتاب والتسبيح والسكوت لما روى عن علي «ع» وابن مسعود قالا «المصلى بالخيار في الأخيرتين ان شاء قرأ وان شاء سبح وان شاء سكت» ..
(٢) ص ٥٩ الطبع الحديث.