الاستحباب كذلك يمكن العمل باخبار الوجوب وحمل اخبار الاستحباب على التقية (١)
إلا ان الظاهر هو ترجيح الحمل الأول (اما أولا) فلما تدل عليه قرائن ألفاظ تلك الأخبار وعباراتها من تخصيص الصلاة الجهرية بذلك في بعض والتشريك بين الفريضة والنافلة في بعض وتخصيص بعض أفراد الجهرية به في ثالث ، فان الظاهر ان ذلك مبني على ترتيب هذه الافراد في الفضل والكمال.
و (اما ثانيا) فان بعض اخبار القول بالاستحباب لا يمكن اجراء الحمل على التقية فيه مثل صحيحتي أحمد بن محمد بن أبي نصر (وموثقة يونس بن يعقوب) (٢) الدالتين على التخيير «ان شئت فاقنت وان شئت فلا تقنت وإذا كانت تقية فلا تقنت» فان ذلك ظاهر في التخيير في حال عدم التقية واما حال التقية فيتحتم فيها ترك القنوت.
ومن ذلك يظهر انه مع القول بالاستحباب يمكن اجتماع الروايات عليه بحمل ما دلت عليه تلك الأخبار من انه «من تركه رغبة عنه فلا صلاة له» على المبالغة والتأكيد في استحبابه كقولهم (عليهمالسلام) «لا صلاة لجار المسجد إلا فيه» (٣). ونحو ذلك.
واما ما دل عليه الخبر العاشر ـ من قوله فيه «سنة واجبة» ونحوه ما رواه
__________________
(١) في عمدة القارئ ج ٣ ص ٤٢٢ «لا قنوت في شيء من الصلوات المكتوبة انما القنوت في الوتر قبل الركوع» وفي ص ٤٢٧ حكى عن زين الدين العراقي ان أكثر السلف على استحباب القنوت في صلاة الصبح سواء نزلت نازلة أم لا ، ثم ذكر جماعة من الصحابة والتابعين والأئمة. وناقشه العيني في هذه النسبة. ثم ذكر ان أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد واحمد وإسحاق والليث لا يرون القنوت في الصبح. وفي المحلى لابن حزم ج ٤ ص ١٣٨ «القنوت حسن بعد الرفع من الركوع في آخر ركعة من كل صلاة فرض الصبح وغير الصبح وفي الوتر» وفي ص ١٤٥ «قال أبو حنيفة لا يقنت في شيء من الصلوات كلها إلا الوتر فإنه فيه قبل الركوع السنة كلها وقال مالك والشافعي لا يقنت في شيء من الصلوات المفروضة إلا الصبح خاصة فعند مالك قبل الركوع وعند الشافعي بعد الركوع».
(٢) الظاهر زيادة ما بين القوسين.
(٣) الوسائل الباب ٢ من أحكام المساجد.