كما هو القاعدة المتفق عليها بين العلماء الاعلام ، وان استند في ذلك إلى اخبار وردت في الجمعة بالخصوص فلم نقف عليها ولم ينقلها ناقل في ما اعلم.
و (ثانيا) انه لو فرض وجود حديث بذلك في خصوص الجمعة أيضا فإن ظاهر صدر رواية أبي بصير المتقدمة (١) رده وانه انما خرج مخرج التقية (٢) لأنه لما سأله السائل أولا عن قنوت الجمعة أجاب بأنه في الركعة الثانية فلما راجعه بأنه نقل لنا عنك انك قلت في الركعة الأولى فأجاب بأنه في الأخيرة ولما رأى الغفلة من الحاضرين أسر إلى أبي بصير انه في الاولى والثانية. وظاهر سياق الخبر ان افتاءه (عليهالسلام) للسائل أولا انما كان تقية لأجل الحاضرين ، وحينئذ فلو ورد من خارج ما يدل على ما ادعاه لوجب حمله بحكم هذا الخبر على التقية كما لا يخفى.
ثم ان ظاهر الخبر ـ كما ترى ـ ينادي بأنه (عليهالسلام) افتى بالقنوت في الركعة الأولى كما تضمنته اخبار الشيخ المفيد (قدسسره) مع انه (عليهالسلام) لم يكذب الراوي وانما عدل إلى التشديد على القنوت في الثانية فلما رأى الفرصة أسر إلى أبي بصير بالقنوتين. ومن هذا الخبر يفهم ان تلك الأخبار مخصوصة بهذا الخبر ما على النحو الذي ذكرناه أو انها خرجت لمعنى آخر وغرض آخر لا من حيث كونه هو الحكم الشرعي في
__________________
(١) ص ٣٧٦.
(٢) مقتضى إطلاق ما تقدم عن المحلى في التعليقة ١ ص ٣٥٧ استحبابه في الجمعة في الركعة الثانية كغيرها ، ومقتضى إطلاق ما حكاه عن أبي حنيفة ومالك والشافعي عدم استحبابه فيها أصلا ، وكذا ما تقدم عن عمدة القارئ ، وفي الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٢٨٧ حكى عن الحنابلة استحباب القنوت للسلطان ونائبه في النوازل إلا الجمعة. وفي شرح النووي على صحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٦ ما ملخصه : «مذهب الشافعي ان القنوت مسنون في صلاة الصبح دائما واما غيرها فله فيه ثلاثة أقوال : «الأول» الصحيح المشهور وهو التفصيل بين نزول النازلة وعدمه ، «الثاني» القنوت في الحالين. «الثالث» عدمه في الحالين. ومحله بعد رفع الرأس من الركعة الأخيرة».