وأجاب بعض مشايخنا (قدس الله أسرارهم) عن هذا الجواب بان قوله : «لا تقرأ فيهما» جملة خبرية وقعت صفة للركعتين لأنهما معرفتان بلام الجنس وهو قريب المسافة من النكرات لعدم التوقيت فيه والتعيين كما في قوله : «ولقد أمر على اللئيم يسبني» قال العلامة الزمخشري في تفسير الفاتحة في قوله تعالى «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» : (فان قلت) كيف يصح ان يكون «غير» صفة للمعرفة وهو لا يتعرف وان أضيف إلى المعارف؟ (قلت) «الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» لا توقيت فيه فهو كقوله : ولقد أمر على اللئيم يسبني. انتهى قال : والوجه في حسن هذا الوصف وملاحته في هذا المقام ما أشير إليه في صحيحتي زرارة بل صحاحه من ان الأخيرتين لا قراءة فيهما بالأصالة بل الثابت فيهما بالأصالة هو التسبيح واما القراءة فهي مرجوحة وان أجزأت لاشتمالها على التحميد والدعاء لا من حيث اختصاصها بالموضع من حيث هي قراءة كما أشير إليه في صحيحة عبيد بن زرارة المروية في التهذيب (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الركعتين الأخيرتين من الظهر؟ قال تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وان شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء». انتهى كلامه (زيد مقامه) وهو جيد نفيس وعليه فيكون جزاء الشرط هو جملة قوله : «فقل» وجملة «لا تقرأ» خبرية وقعت صفة للركعتين. ووصف هاتين الركعتين بعدم القراءة فيهما مؤذن بمرجوحية القراءة فيهما
واختار المحقق الشيخ حسن في كتاب المنتقى جعل جملة «لا تقرأ» طلبية قال : لبعد ارادة غير النهى منه كما اوله به جماعة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) : منهم ـ المحقق في المعتبر فقال ان «لا» فيه بمعنى «غير» كأنه قال «غير قارئ» مع ان التجوز في قوله «تقرأ» بإرادة الإرادة للقراءة أو الحمل على إضمار كلمة «تريد» أقل تكلفا مما ذكروه والكل خلاف الظاهر. إلى ان قال : وربما يستشهد لترجيح خلاف النهي بإدخال فاء الجواب على كلمة «قل» ولو أريد النهي لكان حقها ان تقترن به. ويدفعه بعد التنزل لتسليم تعين كونها للجواب تكثر الإشارة في ما سلف من هذا الكتاب
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٢ من القراءة.