«أي شيء تقول أنت؟» أي شيء تفعله أنت في الركعتين الأخيرتين إذا كنت مأموما من الاجتزاء بالتسبيح أو القراءة فيهما ، وحينئذ ففيه دلالة على تخيير المأموم في الركعتين الأخيرتين بين القراءة والتسبيح مع أفضلية القراءة. ويحتمل أيضا ان يراد منه بيان حال المسبوق وانه يجزئه تسبيح الإمام في الأخيرتين وان كان المأموم مصليا للأوليين أو الثانية في تلك الحال غير ان الاولى للإمام قراءة الحمد. وهذان الاحتمالان ذكرهما في المنتقى زيادة على الاحتمال الذي حكاه عن ذلك البعض في ما أسلفنا من نقل عبارته. وكيف كان فهذه الرواية لما فيها من سعة دائرة الاحتمال لا تصلح للاستدلال فإنها بتعدد هذه الاحتمالات تكون من قبيل المتشابهات.
(الخامس) ـ قوله «ولا ينافي ذلك ما رواه عبد الله الحلبي في الصحيح. إلى آخر الكلام» فان فيه من العجب العجاب بما اشتمل عليه من الخلل والاضطراب ما لا يخفى على من تأمل بعين الصواب :
(أما أولا) ـ فلحصره المنافاة في هذه الرواية وانه بالجواب عنها يتم له ما ذكره وهذا مصداق ما أشرنا إليه آنفا من عدم الوقوف على تلك الروايات الصحيحة الصريحة المستفيضة المتقدمة ، فليت شعري كأنها لم تمر به مدة اشتغاله بالعلوم في تلك الأيام حتى يغمض العين عنها ولا يتعرض لشيء منها في المقام.
(واما ثانيا) ـ فان الظاهر من سياق كلامه ـ كما عرفت ـ هو الميل إلى أفضلية القراءة مطلقا لقوله «ولو قيل بأفضلية القراءة مطلقا» وقد عرفت مما أسلفناه انه ليس في الأخبار ما يدل على هذا القول إلا رواية محمد بن حكيم الضعيفة السند التي لا تصلح للاستدلال بناء على اصطلاحه ولا تعتمد. واما ما ادعاه من دلالة صحيحتي منصور بن حازم ومعاوية بن عمار فقد عرفت ما فيه.
و (اما ثالثا) ـ فان ما ادعاه ـ من التأييد بعمل الأصحاب مع قوله أولا «ولو قيل» المشعر بعدم القائل كما عرفت ـ لا يخلو من التشويش والاضطراب. وبالجملة