قدمناه سيما مع تأيدها بالأخبار التي أشرنا إليها مصرحة بالمأموم بخصوصه دون هذه الأخبار ، فإن من المحتمل فيها قريبا ـ بل هو الظاهر ـ اختصاص المنع من القراءة بحال المتابعة في الأوليين للإمام وهو الموضع الذي تتعين فيه القراءة حتما وبه انقسمت الصلاة إلى جهرية وإخفاتية دون الأخيرتين بحيث لم تتعين فيهما القراءة بل كانت مرجوحة كما أوضحناه من أولوية التسبيح. وأيضا فلو اختار الإمام القراءة كانت قراءته إخفاتية كما هو المجمع عليه بينهم فكيف يترتب عليه حكم كلي بالنسبة إلى المأموم من تحريم القراءة وعدمه أو التفصيل بالسماع وعدمه والانقسام باعتبار ذلك إلى الجهرية والإخفاتية؟ فانا وان سلمنا جريان هذه الشقوق فيما إذا اختار الإمام القراءة المرجوحة باعتبار انه لا منافاة بين وجوب الإخفات والسماع والإنصات كما قيل إلا انه لا يتم في ما إذا اختار التسبيح فكيف يصح الحكم بتحريم القراءة على المأموم مطلقا؟ مع عدم جريان الدليل على تقدير تسليمه إلا في مادة اختيار الإمام القراءة.
والظاهر ان منشأ الشبهة في هذا الاختلاف هو ما اتفقت عليه كلمتهم من أصالة القراءة في الأخيرتين وان التسبيح إنما يؤتى به عوضا عنها ولذا ترى أكثر عباراتهم بالتسبيح بلفظ البدلية عن القراءة فيقولون «ويجزئ بدلا عن القراءة التسبيح» ولا سيما بالنسبة إلى الامام عندهم فإن القراءة في حقه آكد ، وقد عرفت ان الظاهر من الأخبار خلافه للنهى عن القراءة في تلك الأخبار الصحاح الصراح والنفي لها ودلالة صحيحة عبيد بن زرارة (١) على فرعية القراءة كما تقدمت الإشارة اليه. ومنه يظهر ان الأظهر هنا هو التخيير مع أفضلية التسبيح كغيره حسبما حققناه سابقا.
ومن الأخبار التي اعتمدوها هنا في ما ذهبوا اليه وبنوا عليها صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الصلاة خلف الامام اقرأ خلفه؟ فقال اما الصلاة التي لا يجهر فيها بالقراءة فإن ذلك جعل اليه فلا تقرأ خلفه واما
__________________
(١) ص ٤١٤.
(٢) الوسائل الباب ٣١ من الجماعة.