تضمنته أحوط. انتهى.
أقول : أنت خبير بما ذكرناه ان الكلام هنا يقع في مقامين (أحدهما) وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، و (الثاني) وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة كما أشرنا إليه في المقام من الصورتين المذكورتين ، وان الصورة الأولى تتعين وتجب مع الإمكان كما عرفت ومحل الخلاف انما هو الثانية ، وحسنة الحلبي وصحيحة زرارة المذكورتان موردهما الصورة الاولى لا الثانية كما يظهر من كلامه غاية الأمر انهما ليستا في الصراحة مثل رواية الكرخي وحسنة عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري.
والظاهر ان السبب في حمله لهما على ما ذكره هو ما صرح به في صدر البحث كما قدمنا نقله عنه من انه متى أمكن ان يرفع له شيئا يسجد عليه فلا يجوز له الإيماء وهاتان الروايتان ربما ظهر منهما التخيير مع استحباب وضع الجبهة على الأرض لقوله في الأولى «أحب الي» وفي الثانية «وهو أفضل من الإيماء» وحينئذ فلا يصح حملهما على إمكان رفع شيء يسجد عليه لأن ذلك واجب البتة فيتعين حملهما على وضع شيء على الجبهة كما تضمنته موثقة سماعة.
وفيه ان هذه العبارة كثيرا ما يرمى بها في مقام الوجوب كما قدمنا الإشارة إليه في مبحث الأوقات في معنى قولهم (عليهمالسلام) (١) «ان الوقت الأول أفضل». من انه لا يستلزم حصول فضل في الوقت الثاني ، فمعنى كون الصلاة بهذه الكيفية أحب اليه وأفضل ليس على معنى التفضيل ، وهو كثير في الكلام كقولهم «السيف امضى من العصا» وقوله تعالى «ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ» (٢) ولا ريب في كون الواجب أحب وأفضل.
ويؤيد ما ذكرناه ان مورد الخبرين كما عرفت هو ان يضع جبهته على الأرض ويسجد على الأرض أو على مروحة أو سواك والوضع على الأرض والسجود يقتضي
__________________
(١) الوسائل الباب ٣ من المواقيت.
(٢) سورة الجمعة الآية ١١.