ويعضد هذه الآية أيضا قوله عزوجل «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً» (١) وقوله : «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ» (٢) فإنهم قد استدلوا على استحباب الاستعاذة في الصلاة بهذه الآية.
وبذلك ينبغي ان تكون القراءة فريضة كالركوع والسجود ، وهذه الآيات في دلالتها على ما قلناه لا تقصر عن آيات الركوع والسجود من قوله عزوجل «وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ» (٣) وقوله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا» (٤) ونحوهما. وبالجملة فإن دلالتها على ما ذكرناه أظهر من ان يذكر. ولعل من ذهب إلى الركنية نظر إلى دلالة هذه الآيات فتكون من قبيل الركوع والسجود وفرائض الصلاة. إلا ان الأخبار كما عرفت قد صرحت بأنها ليست بفريضة وان الصلاة لا تبطل بتركها سهوا كالفرائض من الركوع والسجود ، والأمر في ذلك مرجوع إليهم (عليهمالسلام) فليس لنا إلا الانقياد والتسليم بعد ثبوت الحكم عنهم (عليهمالسلام).
ثم ان من الأخبار الدالة على ما ذكرناه من وجوب القراءة صحيحة محمد بن مسلم الأخيرة ورواية أبي بصير (٥) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن رجل نسي أم القرآن؟ فقال ان كان لم يركع فليعد أم القرآن».
وعن سماعة في الموثق (٦) قال : «سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب؟ قال فليقل أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم انه هو السميع العليم ثم ليقرأها ما دام لم يركع فإنه لا قراءة حتى يبدأ بها في جهر أو إخفات».
وروى الصدوق بإسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليهالسلام) (٧) انه قال : «إنما أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا منسيا وليكون
__________________
(١) سورة المزمل ، الآية ٤.
(٢) سورة النحل ، الآية ١٠٠.
(٣) سورة البقرة ، الآية ٤٠.
(٤) سورة الحج ، الآية ٧٦.
(٥ و ٦) الوسائل الباب ٢٨ من القراءة.
(٧) الوسائل الباب ١ من القراءة.