للحساب بل هذا حشر في الدنيا وهو المناسب لما عدّ معه من الأشراط ، وروي معناه عن أبي بن كعب.
وتسجير البحار : فيضانها قال تعالى : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) في سورة الطور [٦]. والمراد تجاوز مياهها معدل سطوحها واختلاط بعضها ببعض وذلك من آثار اختلال قوة كرة الهواء التي كانت ضاغطة عليها ، وقد وقع في آية سورة الانفطار [٣] : (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) وإذا حدث ذلك اختلط ماؤها برملها فتغير لونه.
يقال : سجّر مضاعفا وسجر مخففا. وقرئ بهما فقرأه الجمهور مشددا. وقرأه ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب مخففا.
وقوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) شروع في ذكر الأحوال الحاصلة في الآخرة يوم القيامة وقد انتقل إلى ذكرها لأنها تحصل عقب الستة التي قبلها وابتدئ بأولها وهو تزويج النفوس ، والتزويج : جعل الشيء زوجا لغيره بعد أن كان كلاهما فردا ، والتزويج أيضا : جعل الأشياء أنواعا متماثلة قال تعالى : (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [الرعد : ٣] لأن الزوج يطلق على النوع والصنف من الأشياء والنفوس : جمع نفس ، والنفس يطلق على الروح ، قال تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) [الفجر : ٢٧ ، ٢٨] وقال : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) [الأنعام : ٩٣].
وتطلق النفس على ذات الإنسان قال تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) [الأنعام : ١٥١] وقال : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) [الجمعة : ٢] وقال : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) [النور : ٦١] أي فليسلم الداخل على أمثاله من الناس.
فيجوز أن يكون معنى النفوس هنا الأرواح ، أي تزوج الأرواح بالأجساد المخصصة لها فيصير الروح زوجا مع الجسد بعد أن كان فردا لا جسم له في برزخ الأرواح ، وكانت الأجساد بدون أرواح حين يعاد خلقها ، أي وإذا أعطيت الأرواح للأجساد. وهذا هو البعث وهو المعنى المتبادر أولا ، وروي عن عكرمة.
ويجوز أن يكون المعنى وإذا الأشخاص نوعت وصنفت فجعلت أصنافا : المؤمنون ، والصالحون ، والكفار ، والفجار ، قال تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ) [الواقعة : ٧ ـ ١٠] الآية.