النجاسة ـ مثلا ـ لما كانت من العوارض الاعتبارية الموجودة فعلا فهي إنما تعرض الجسم الخارجي الخاص من ماء أو ثوب أو غيرهما ، وليست الملاقاة ولا التغير إلا علة في ذلك ، فإن اريد بالموضوع المعنى الأول فالملاقاة والتغير مقومان للموضوع ، وإن اريد به المعنى الثاني فهما خارجان عنه ، من دون خلاف في ذلك بين العقل والعرف والدليل ، ولا بين كون أخذهما في الدليل بلسان التقييد للماء وأخذهما بلسان الشرط أو التعليل ، لأن التقييد إنما يتعقل في الكلي ، وهو الماء المأخوذ في القضية الكلية ، دون الماء الخارجي الجزئي الذي يتصف فعلا بالنجاسة ، لعدم قابلية الجزئي للتقييد.
هذا ، وحيث كان الغرض من تحديد الموضوع تحصيل الضابط لاتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة بحيث تكون بقاء لها تعين كون المعيار على الموضوع بالمعنى الأول ، لأنه المقوم للقضية الذي يكون تعدده موجبا لتعددها ووحدته مستلزمة لوحدتها واستمرارها ، ولا أثر لاختلاف العلة في ذلك.
نعم ، للحكم في عالم التشريع ومقام جعل الكبرى الشرعية شرطية كانت أو حملية ـ مع قطع النظر عن فعليته بفعلية صغراه ـ نحو من الوجود الانشائي قائم بتمام ما هو الدخيل فيه مما هو مأخوذ في القضية المجعولة من شرط ، أو ظرف ، أو وصف ، أو حال أو غيرها من قيود الموضوع أو النسبة ، بحيث يكون تبدل أي شيء منها موجبا لتبدل الحكم الإنشائي.
إلا أن الشك في بقاء الحكم الإنشائي المذكور لا يكون إلا للشك في نسخه ، وهو خارج عن محل الكلام.
وليس محل الكلام إلا استصحاب الحكم الجزئي الفعلي الذي تحكي عنه القضية الفعلية الشخصية التي لا تقبل التقييد ، لأن التقييد والإناطة إنما يكونان في القضايا الإنشائية ، لا الفعلية ، وليست القيود المأخوذة في الكبريات