آخر ، ولا مجال له إما لامتناع انتقال العرض عن محله ، أو لعدم كونه مورد الأثر ، لأن الأثر قائم بوجوده في الموضوع الأول ، بل وجوده في الموضوع الثاني أمر حادث مسبوق بالعدم ، فلا مجال لاستصحابه ، بل يتعين استصحاب عدمه.
وقد استشكل في ذلك المحقق الخراساني قدّس سرّه في الكفاية بما أوضحه في حاشيته على الرسائل بقوله : «فإن المحال إنما هو الانتقال والكون في الخارج بلا موضوع بحسب وجود العرض حقيقة ، لا بحسب وجوده تعبدا ، كما هو قضية الاستصحاب ، ولا حقيقة لوجوده كذلك إلا ترتيب آثاره الشرعية وأحكامه العملية ، ومن المعلوم أن مئونة هذا الوجود خفيفة ...».
وهو بظاهره كما ترى! ضرورة أن التعبد إنما يكون بالوجود الحقيقي في ظرف الشك فيه ، فما هو موضوع الأثر واقعا ـ وهو الوجود الحقيقي ـ يكون موضوعا للتعبد وهو مورد الأثر والعمل ، لا أمر آخر غيره ، فمع فرض امتناع استمرار الوجود الحقيقي ـ لعدم الموضوع ـ يقطع بعدمه ، فكيف يمكن التعبد به ظاهرا؟!.
نعم ، يمكن التعبد بوجود آخر ليس بقاء للوجود الأول ، وهو خارج عن محل الكلام.
فالأولى في الجواب عما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه : أنه إنما يقتضي امتناع التعبد ببقاء المستصحب إذا علم بارتفاع الموضوع ، وليس هو موردا للشك من أحد.
كما أنه ليس موردا للاستدلال المذكور ، بل محل الكلام ـ كما يظهر من صدر كلامه وذيله ـ هو صورة الشك في بقاء الموضوع ، والدليل المذكور لا ينهض به ، إذ مع الشك المذكور يحتمل بقاء المتيقن سابقا ، ولو لاحتمال بقاء موضوعه ، وهو كاف في الاستصحاب.