وحيث كانت النسب في القضايا مختلفة في ذلك لزم النظر فيها على اختلافها والاستعانة بالمرتكزات في التفريق بينها.
لكن هذا كله إنما يقتضي لزوم إحراز وجود الموضوع في ما إذا كان تقرره وقيامه بحدوده بنحو يصح الحمل عليه موقوفا على وجوده ، أما لو لم يتوقف تقرره عليه ، بل كان له من نحو من التقرر المصحح للحمل عليه بدونه ، فلا ملزم باحراز الوجود وإن توقفت فعلية الاتصاف بالمحمول عليه.
وتوضيح ذلك : أن الأعراض المحمولة في القضايا مختلفة في شرائط عروضها على الموضوع وصحة نسبتها إليه ، فيكفي في صحة انتساب بعضها تقرر الذات بما لها من حد وماهية كلية أو شخصية ، كالوجود والعدم والامكان والامتناع ، ويتوقف بعضها ـ زائدا على ذلك ـ على وجود الموضوع خارجا ، كالثقل والهيئة ، وبعضها يتوقف مع ذلك على أمور أخر ، من شئون الموضوع ، كالتعجب الذي يتوقف اتصاف الإنسان به على التفاته ، أو خارجة عنه ، كالحرارة التي يتوقف اتصاف الجسم بها على النار.
إلا أن الاختلاف في ذلك لا يوجب الاختلاف في موضوع القضية ، بل ليس موضوعها في الجميع إلا الذات المتقررة في نفسها المتميزة عن غيرها بحدودها ، وليست الامور الزائدة على ذلك من وجود وغيره إلا شرطا في فعلية النسبة وصدق القضية ، من دون أن تكون مقومة للموضوع المعتبر في القضية.
ولذا لا إشكال في أن موضوع القضية الاستقبالية هو موضوع القضية الحالية مع وضوح صدق بعض القضايا الاستقبالية قبل وجود الموضوع في ما لو كان محدد الذات حين صدور القضية ، كما في إخبار النبي صلّى الله عليه وآله والأئمة عليهم السّلام بكثير من القضايا المستقبلة قبل وجود موضوعها ، كولادة الحجة عليه السّلام وقيام الدول الظالمة والملاحم وغيرها.