وعليه لا يكون الحكم في القضية متفرعا على وجود الموضوع أو غيره مما تقدم ، بل يكفي فيه تقرره في نفسه ، وقيامه بحدوده الماهوية الخاصة به.
غاية ما في الأمر أن صدق القضية وفعليه النسبة يتوقف على تحقق الأمور المذكورة ، وذلك لا يقتضي لزوم إحرازها ، فإن اللازم هو إحراز شرط التعبد ، لا شرط الأمر المتعبد به.
فبعد فرض تحديد الموضوع في نفسه لو شك في وجوده لا مانع من استصحاب القضية المتيقنة التي كانت صادقة حين وجوده كما لا مانع من استصحابها عند الشك في تحقق سائر ما له الدخل في اتصاف الموضوع بالمحمول ، فكما يصح استصحاب التعجب لزيد مع احتمال غفلته ، واستصحاب الحرارة للماء عند الشك في النار ، يصح استصحابهما عند الشك في وجود زيد والماء رأسا.
نعم ، لو كان تقرر الموضوع وقيامه بحدوده موقوفا على وجوده لزم إحراز الوجود ، كما لو كان الموضوع هو العنوان بما له من الوجود الخارجي ، وما هو بالحمل الشائع ، من دون أن تؤخذ فيه خصوصية خاصة شخصية محدودة ، فإن الموضوع حينئذ لا يتقوم إلا بوجوده ، ولا حدّ له قائم به مستغن عن الوجود ، بخلاف ما إذا قام بحد شخصي خاص ، كالأعلام الشخصية ، والمعهودات الخارجية الجزئية ، فإن حدودها لا تناط بوجودها ، بل الوجود طارئ على الحد.
ومن هنا يظهر أن استصحاب طهارة ماء الكوز عند الشك في وجوده إنما يجري إذا كان موضوع الأثر هو طهارة الماء الخاص الذي كان موجودا في الكوز سابقا ، فإنه قائم بحدوده الشخصية التي كان عليها حين وجوده سابقا ، وانعدامه لا يمنع من الإشارة للحدود المذكورة في القضية المستصحبة.
أما إذا كان موضوعه هو طهارة الماء المقيد بكونه في الكوز بما هو أمر