الحكمية من المسائل الأصولية كون الرجوع إليه من وظيفة المجتهد دون العامي ، بخلافه في الشبهات الموضوعية ، حيث يتسنى للعامي الرجوع إليه بعد أخذ كبراه من المجتهد ، كسائر المسائل الفرعية.
لكن الظاهر عدم صلوح ذلك ضابطا للمسألة الأصولية ، إذ لا وجه لاختصاص المسألة بالمجتهد بعد فرض عموم الشريعة إلا اختصاصه بالقدرة على تشخيص موضوعها ، لاحتياجه إلى النظر في الأدلة الذي لا يتيسر للعامي ، فالعامي في الحقيقة يعمل بالمسألة بعد رجوعه للمجتهد فيها وفي تشخيص صغراها ، وذلك جار في كثير من المسائل الفرعية ، كمانعية ما لا يؤكل لحمه من الصلاة ، حيث لا بد للعامي من الرجوع للمجتهد في تشخيص موضوعها ، وهو ما لا يؤكل لحمه من جهة الشبهة الحكمية.
وتمام الكلام في ضابط المسألة الأصولية في مقدمة هذا العلم.
وبالجملة : يشكل عدّ الاستصحاب من المسائل الأصولية على التعريف المتقدم حتى ما يجري منه في الشبهة الحكمية.
نعم ، يتجه ذلك في استصحاب عدم النسخ ، لتحقق موضوعه بالإضافة إلى الحكم الكلي. إلا أن الإشكال في جريانه في نفسه على ما يأتي الكلام فيه في مبحث الاستصحاب التعليقي ، إن شاء الله تعالى.
وإن كان الأمر غير مهم بعد أهمية المسألة وترتب كثير من الفروع عليها ومشابهتها للمسألة الأصولية في إمكان الرجوع إليها في الشبهات الحكمية ، ولا سيما مع مناسبتها لمباحث الأصول العملية التي نحن بصددها ، فإن ذلك ملزم بتحريرها ولو استطرادا.
ومن هنا كان المناسب عموم الكلام في حجية الاستصحاب للشبهات الموضوعية ، لأنها وإن لم تناسب غرض الأصولي ، إلا أن أهميتها وكثرة الفروع المترتبة عليها وعدم خصوصية الشبهات الحكمية في كثير من جهات الكلام