ناشئ عما هو من سنخ المقتضي له شرعا ، لرجوعه إلى أن لليقين السابق نحو اقتضاء في البناء على استمرار المتيقن وعدم رفع اليد عنه ، فنسبة الاستصحاب إلى الأصول المذكورة نسبة الأمارة إليه عرفا.
فكما أن البناء على مقتضى اليقين في الاستصحاب لعدم صلوح الشك لنقضه ، فلا يزاحم الأمارة الصالحة لنقضه ، كذلك البناء على البراءة أو الطهارة للشك في التكليف أو النجاسة ، فإنه ناشئ عن عدم صلوح الشك لتنجيز التكليف أو النجاسة ، فلا يزاحم الاستصحاب الحاكم بصلوح اليقين السابق للتنجيز واقتضائه له لو لا المانع.
فهو معها من سنخ حكم العنوان الثانوي مع حكم العنوان الأولي ، كما كانت الأمارة معه كذلك. وليس الفرق بين النسبتين إلا في عدم منافاة دليل حجيتها لإطلاق دليله أصلا ، لما تقدم من أن دليله لم يتضمن عدم نقض اليقين مع الشك ، بل عدم نقضه بالشك ، فلا ينافي نقضه بالأمارة.
أما دليل الاستصحاب فهو مناف بدوا لإطلاق أدلة الأصول ، لأنها لم تتضمن الحكم بمجرد عدم منجزية الشك أو معذريته ، كي لا ينافي منجزية اليقين السابق أو معذريته ، بل بثبوت السعة أو الاحتياط مع الشك الشامل لحال سبق اليقين بالتكليف ، فيكون الاستصحاب منافيا لإطلاقه ، ومن ثمّ احتيج للجمع العرفي بالوجه المذكور ـ الذي هو فرع التنافي البدوي ـ بحمل الإطلاق المذكور على بيان الحكم الأولي الثابت للشك بنفسه مع قطع النظر عما هو زائد عليه.
وبما ذكرنا يظهر وجه حسن تعليل البناء على الطهارة في صحيحة زرارة الثانية وفي صحيح عبد الله بن سنان (١) الوارد في الثوب الذي يستعيره الذمي ،
__________________
(١) الوسائل ج : ٢ ، باب : ٧٤ من أبواب النجاسات حديث : ١.