ومن هنا رجع شيخنا الأعظم قدّس سرّه في توجيه الاستصحاب في المقام إلى ما جرى عليه في غير المقام من الاكتفاء بالتسامح العرفي في صدق البقاء ، فما كان الزمان فيه بنظر العرف مقوما للموضوع وقيدا فيه لا يجري فيه الاستصحاب ، وما كان الزمان فيه غير مقوم له ، بل كان ظرفا له يجري فيه الاستصحاب ، وإن كان قد يشك في ذلك في بعض الموارد ، فيلزم التأمل التام ، فانه أعظم المزال في المقام.
ومنه يظهر أنه لا مجال لما استشكله بعض مشايخنا من عدم اختلاف التقييد والظرفية إلا بالعبارة ، ورجوع الظرفية للتقييد ، إذ لا بد في كل ما يؤخذ في الحكم أن يكون مأخوذا قيدا فيه ، إذ لا بد من دخله فيه ثبوتا.
لاندفاعه : بأن تفريقه قدّس سرّه بينهما بلحاظ النظر العرفي التسامحي ، لا الجعل الشرعي.
نعم ، تقدم منا في تحقيق موضوع الاستصحاب أنه لا مجال للتعويل على التسامح العرفي فيه ، بل يلزم إحراز البقاء الحقيقي للموضوع بعد الرجوع للأدلة في تعيينه وتحديده.
ويظهر الضابط المصحح لجريان الاستصحاب هنا بملاحظة ما ذكرناه هناك.
وحاصله : أن الموضوع المعروض للحكم إن كان جزئيا خارجيا ـ كالثوب المعروض للنجاسة ـ امتنع تقييده بالزمان أو غيره ، فلا بد من كون الزمان ظرفا محضا له ولحكمه.
وإن كان كليا ـ كفعل المكلف الموضوع للأحكام التكليفية والكليات الذمية كالدين والعمل المستأجر عليه ـ كان قابلا للتقييد ، فإن احتمل أو احرز تقييده بالخصوصية الزمانية أو نحوها امتنع الاستصحاب ، لعدم إحراز الموضوع. وإن احرز إطلاقه تعين كون الخصوصية المحتملة دخيلة في الحكم ،