مضافا إلى أن الصحيحين لم يتضمنا التعبد بشيئية الجزء ولا تنزيله منزلة الكل ، بل تطبيق عنوان الشيء عليه والحكم عليه بمفاد القاعدة.
فإن كان المراد بالنصوص الاخرى ما يعم الجزء رجع إلى إمكان إرادة الكل والجزء من إطلاق لفظ الشيء فيها ، وإن اريد بها خصوص الكل كان مفادها مباينا لمفاد الصحيحين لتباين موضوعيهما ، ولزم تعدد القاعدة.
الوجه الرابع : ما يظهر من بعض مشايخنا إمكان وحدة القاعدة ، وهي قاعدة التجاوز ، مع رجوع قاعدة الفراغ إليها ، بلحاظ أن الشك في صحة العمل لا بدّ أن يكون ناشئا من الشك في تحقق جزئه أو شرطه ، فالتعبد إنما هو بوجود المشكوك ، لمضي محله ، لا بصحة العمل لمضيه بنفسه.
وفيه : أن مجرد كون منشأ الشك في صحة المركب ذلك لا ينافي التعبد بصحته في قبال التعبد بوجود الجزء أو الشرط ، لا بسبب التعبد المذكور وفي طوله.
فإن أراد عدم سوق الأدلة لبيان التعبد بصحة المركب ابتداء لمضيه بنفسه ، بل التعبد بصحته بسبب التعبد بمنشئها ، وهو وجود الجزء ، لمضي محله ، فهو راجع إلى انكار قاعدة الفراغ ، وهو ـ مع خروجه عن مفروض كلامه في تقريب الجامع بين القاعدتين ، لا في إغناء إحداهما عن الاخرى ـ لا يناسب النصوص الآتية الظاهرة في التعبد بصحة المركب رأسا ، لا بسبب التعبد بوجود الجزء ، فإن المهم هو النظر في وحدة القاعدة التي تعرضت لها جميع نصوص المقام ، لا بعضها.
مع أن لازمه عدم تحقق موضوع القاعدة بعد الفراغ من العمل قبل خروج الوقت لو كان الشك في الصحة ناشئا من الشك في الشرط ، بناء على ما ذكره من أن التعبد معه ليس بوجود الشرط ، بل بوجود المشروط ، لوضوح أن المشروط لم يمض محله قبل خروج الوقت ، نظير ما سبق في الوجهين السابقين.