وكذا ما ورد في الشك بعد الحائل ، لأن الحائل المذكور فيه إنما يحتاج له عند الشك في وجود الشيء بمفاد كان التامة ، وأما الشك في صحة الموجود فيكفي فيه الفراغ عنه ، ولأجل ذلك يتعين حمل هذه الصحاح وغيرها من النصوص الخاصة على التعبد بتحقق المشكوك بمفاد كان التامة ، الذي هو مفاد قاعدة التجاوز.
كما أن ظاهر بعض النصوص فرض مضي العمل بنفسه مع وجوده ، فلا بد من حمل الشك فيه على الشك في صحته ، كموثق محمد بن مسلم المتقدم ، فإنّ فرض مضي الأمر المشكوك ، والأمر بإمضائه كما هو ، ظاهر في المفروغية عن وقوعه والتردد في حاله.
ومثله موثق ابن أبي يعفور ، بناء على حمله على الشك في نفس الوضوء ، لا في أجزائه ، كما تقدم ، وكذا جملة من النصوص الخاصة ، كخبر بكير المتقدم ، وصحيح محمد بن مسلم : «قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة قال : يمض (يمضي ظ) على صلاته ولا يعيد» (١) ، وصحيحه الآخر عنه عليه السّلام : «في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته. قال : فقال : لا يعيد ولا شيء عليه» (٢) وغيرها.
هذا ، ولكن ظهور الشك في الشيء في الشك في خصوص وجوده إنما يتجه لو تردد الأمر بينه وبين غيره وامتنع إرادة الجامع بينهما ، لا في مثل المقام مما أمكن فيه إرادة الجامع المناسب للمقام ، وهو الشك في ما يتعلق بالشيء من شئونه التي يهتم بها ، الذي يقتضي الرجوع والتدارك ، فإن الحمل عليه ليس بعيدا عن ظاهر التركيب.
كما أن فرض مضي الشيء في موثق محمد بن مسلم لا يمتنع أن يراد منه
__________________
(١) الوسائل ج : ١ ، باب : ٤٢ من أبواب الوضوء حديث : ٥.
(٢) الوسائل ج : ٥ ، باب : ٢٧ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث : ١.