الأعم من مضي الشيء بنفسه ومضي محله ، والأمر بإمضائه كما هو لا يعين الأول ، لأنه وإن كان صريحا في التردد في حال الشيء الذي مضى ، إلا أن التردد في وجود ما مضى محله وعدمه تردد في حاله بمعنى ، فهو كناية عن إلغاء الشك المتعلق به عملا ، فإذا أمكن عموم الشك للشك في الوجود والشك في الصحة ، أمكن عموم الإمضاء فيه لإلغاء كلا الشكين.
فما سبق لا ينهض باثبات صراحة النصوص العامة في تعدد القاعدة وتباين مؤدى كل طائفة مع مؤدى الاخرى.
نعم ، لا يبعد صلوحه لإثبات أن المتيقن من كل طائفة مباين للمتيقن من الاخرى ، بحيث يمنع من دعوى ظهور كل منها في نفسه في العموم ، ويوجب انصرافه لخصوص أحد المفادين ، بل قد يكون صالحا لإثبات نحو من الظهور البدوي في تعدد القاعدة بمقتضى الجمود على مدلول كل منها في نفسه.
إلا أن الظاهر الخروج عن ذلك بعد سبر جميع نصوص المقام العامة والخاصة ، والالتفات لوجود الجامع الارتكازي بين القاعدتين ، فإن تعددهما مع وجود الجامع المذكور يحتاج إلى عناية في البيان ، وهو لا يناسب تشابه ألسنة النصوص ، بسبب اشتمال كلتا الطائفتين على عنوان الشك في الشيء ، وعلى ما يقتضي مضي محل الشك ، من المضي ، والتجاوز ، والخروج ، والفراغ ، ونحوها.
فلو اريد بكل طائفة منها إحدى القاعدتين بخصوصيتها لكان المناسب التعرض لموضوعها بوجه مميز له عن موضوع الاخرى ، ولا يتكل على القرائن المتصيدة من المورد ونحوه لتحديده.
بل قد لا تنهض قرينة بتحديده ، كما في صحيح محمد بن مسلم الثاني المتقدم قريبا ، حيث لم يبين فيه أن المراد من الشك بعد الانصراف من الصلاة ، هو الشك في وجود جزئها أو شرطها ، أو الشك في صحتها.
كما قد اشتمل بعض النصوص على أحد جزئي موضوع كلتا القاعدتين ،