هذا ، كله بالنظر المفاد هذه النصوص ، أما بالنظر لغيرها فقد يستفاد التعبد بالمشكوك من بعض ما ورد في الشك في الركوع حال الهوي للسجود ، أو حال للسجود ، كقوله عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن المتقدم : «قد ركع» (١) ، وفي صحيح حماد : «قد ركعت أمضه» (٢) ، وغيرهما. بل قد يستفاد من صحيح زرارة المتقدم عن مستطرفات السرائر كون وجود الحائل من سنخ المحرز ، فتكون القاعدة إحرازية ، لا تعبدية محضة ، لأن قوله (٣) : «فلا يدع الحائل لما كان من الشك إلا بيقين» ظاهر في كون الحائل محرزا للمشكوك كاليقين السابق في الاستصحاب ، بحيث يكون الاعتناء بالشك والتدارك لأجله تركا للحائل وإعراضا عن مقتضاه ، لا تركا لحكم الشارع معه بالتعبد بالمشكوك لا غير.
بل قد تقرب أمارية القاعدة لما فيها من الكاشفية بلحاظ غلبة جري المكلف في مقام العمل على طبق ما قصده ارتكازا ، بالاتيان بالعمل تام الاجزاء والشرائط ، لأن مخالفته لذلك عمدا ينافي كونه في مقام الامتثال ، وسهوا مخالف لظهور حال المدرك الملتفت ، فالقصد الارتكازي للعمل التام من سنخ الامارة بنظر العقلاء على مطابقة العمل الخارجي له.
لكنه يشكل : بأنه ليس في النصوص العامة على كثرتها إشارة للارتكاز المذكور ، بل ظاهرها إرادة عدم الاعتناء بالشك الذي مضى محله من حيث هو ، ولذا ورد بعضها في مورد الشك في أصل الامتثال لا في كيفيته ، كصحيح زرارة والفضيل الوارد في الشك بعد خروج وقت الفوت ، ومن الظاهر أن الأمر المذكور ارتكازي أيضا قد يبتني على مراعاة مصلحة التسهيل وحفظ النظام ، لعدم تيسر حفظ ما مضى وضبط حاله.
__________________
(١) الوسائل ج : ٤ ، باب : ١٣ من أبواب الركوع حديث : ٦. وقد تقدم ذكر في الأمر الثاني من الجهة الأولى.
(٢) الوسائل ج : ٤ ، باب : ١٣ من أبواب الركوع حديث : ٢.
(٣) الوسائل ج : ٤ ، باب : ١٣ من أبواب الركوع حديث : ٢.