وبالجملة : لا ينبغي التأمل في ظهور الصحيح في ما نحن فيه ودلالته على عموم القاعدة من حيثية عدم الالتفات لجهة الشك.
هذا كله مع أنه يصعب البناء على التقييد بصورة الالتفات ، إذ كثيرا ما يتم المكلف عمله على نحو خاص قد تعوده مدة طويلة ويعتقد بتماميته ، ثم يلتفت لبعض الاحتمالات القريبة أو البعيدة ، الراجعة لخلل في عمله مما كان غافلا عنه حينه ، بحيث لو توجه إليه حينئذ لزمه الفحص عنه ، لاقتضاء الأصل عدم التمامية معه ، كعدم وصول الماء في الغسل لبعض المواضع ، لاحتياجه للدلك على غير الوجه الذي تعوده ، أو لوجود المانع ، أو مانعية الموجود ، ونحو ذلك مما ليس بناء المتشرعة على إعادة ما مضى بعد الالتفات إليه. فلا ينبغي مع ذلك التشكيك في عموم القاعدة.
ثم إن الاقتصار على ظهور حال الممتثل في تحقيق تمام ما هو الدخيل في المطلوب ، والتعليل المتقدم كما يقتضيان اعتبار الالتفات لجهة الشك كذلك يقتضيان اعتبار عدم ظهور كون الاعتقاد بالتمامية المقارن للالتفات السابق في غير محله ، لابتنائه على مقدمات غير صالحة للإثبات ، وإن احتمل مصادفته للواقع ، فلو فرض علم المكلف من نفسه أنه حين الوضوء كان يعتقد وصول الماء للبشرة مع وجود الخاتم وإن لم يحركه ، وبعد الفراغ شك في ذلك ، وظهر له أن اعتقاده السابق في غير محله ، لابتنائه على مقدمات غير منتجة ، كان بحكم غير الملتفت ، إذ لا أثر لمثل هذا الالتفات في ظهور حاله في إيصاله الماء للبشرة ، ولا في أذكريته وأقربيته للحق.
نعم ، لو خفي عليه وجه الاعتقاد ولم يظهر له صحة مقدماته ولا خطؤها ، كان ظاهر حاله حين الامتثال أنه أتم عمله ، كما هو مقتضى الأذكرية والاقربية للحق المعلل بهما ، بضميمة أصالة عدم الخطأ ، غير الجارية في الفرض الأول المبتني على العلم بخطإ الاستناد بوجه الاعتقاد.