لاستحالة اجتماعهما في موضوع واحد في زمان واحد ، بل لا بد من رفع اليد عن أحدهما.
ومن الظاهر أن رفع اليد عن الأول إنما يصح مع فرض جهة اتحاد بين المتعلقين تصحح التوسع بإطلاق النقض ، إذ مع فرض التباين بينهما من جميع الجهات يكون إطلاق النقض مستهجنا.
وحينئذ فكما يمكن حمله على الاستصحاب بلحاظ اتحاد متعلق الوصفين ذاتا واختلافهما زمانا ، كذلك يمكن حمله على قاعدة المقتضي والمانع ، بتنزيل العلم بالمقتضي منزلة العلم بالمعلول ، وتنزيل الشك في المانع منزلة الشك فيه لما بينهما من المناسبة والملابسة ، أو بإرجاع اليقين والشك إلى نفس المعلول مع ملاحظة اختلافهما من حيثية الاقتضاء والفعلية ، وربما يكون منه ما في حديث السجاد عليه السّلام مع الزهري في ردع الإنسان عن تخيل الرفعة على غيره ، حيث قال عليه السّلام : «فقل : أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره ، فما لي أدع يقيني لشكي؟!» (١)
كما يمكن حمله على بيان عدم رفع اليد عن الحجة بغير الحجة ، فإن متعلق اليقين فيها والشك في ذلك وإن كان مختلفا ذاتا ، لتعلق اليقين بالوظيفة العملية والشك بالواقع ، إلا أن ذلك لا يمنع من إطلاق النقض توسعا بتنزيل العلم بالحجة على الشيء منزلة العلم به.
وربما يحمل على غير ذلك مما يفرض فيه جهة اتحاد تصحح إطلاق النقض ، وجهة اختلاف يمكن معها اجتماع الوصفين المتضادين.
أما رفع اليد عن الثاني مع المحافظة على الأول فهو يقتضي الحمل على قاعدة اليقين لا غير.
وبهذا يكون التعبير المذكور صالحا لجميع الوجوه ، وليس مرددا بين
__________________
(١) مجموعة ورام ج : ٢ ص ٨٩.