بالاستمرار زائدا على الحكم المغيى الذي هو مفاد الاستصحاب. فإن مفاد الاستصحاب الحكم بالبقاء بعد الفراغ عن الثبوت ، على أن يكون البقاء والاستمرار محكوما به بما أنه معنى اسمي ، لا من شئون الحكم الأول بما هو معنى حرفي ، كما هو الحال في النصوص ، وإلا فكل حكم مغيّا ببقاء موضوعه. ومن ثمّ كانت الغاية في النصوص مناسبة لاصالتي الحل والطهارة وظاهرة فيهما ، لا في الاستصحاب.
نعم ، قرّب شيخنا الأعظم قدّس سرّه دلالة حديث حماد على الاستصحاب ، لأن الاشتباه فيه غالبا يكون من جهة احتمال عروض النجاسة عليه ، وإلا فهو بحسب الأصل طاهر في نفسه ، فيلزم لأجل ذلك حمل الحكم بالطهارة في الصدر على الحكم باستمرارها بعد الفراغ عن ثبوتها ، لا بأصل ثبوتها.
قال قدّس سرّه : «والمعنى : أن الماء المعلوم طهارته بحسب أصل الخلقة طاهر حتى تعلم. أي : تستمر طهارته المفروضة إلى حين العلم بحصول القذارة له».
وفيه : أن مجرد غلبة كون منشأ هو الشك هو الشك في استمرار الطهارة بعد اليقين بحصولها سابقا لا يكشف عن تعبد الشارع بالاستمرار بعناية الفراغ عن أصل الحدوث. بل يمكن تعبده بأصل ثبوت الطهارة ، من دون نظر إلى سبق اليقين به ، وهو الظاهر من الحديث الملزم بحمله على أصالة الطهارة.
وكونها محكومة لاستصحابها المفروض جريانه غالبا ـ مع توقفه على قيام الدليل عليه ، فلا مجال لفرضه في مقام الاستدلال عليه ـ لا يمنع من إرادتها لبيان جريانها من هذه الحيثية ، لأن الأصل الحاكم لا يمنع من جريان المحكوم ذاتا ، بل هو نظير الحكم الأولي والثانوي ، فإن الثاني لا يوجب قصور الأول ذاتا ، بل يمنع من فعليته مع منافاته له عملا ، لا مع توافقهما ، كما في المقام.
فلا مانع من إرادة قاعدة الطهارة وبيان حيثيتها ولو لينتفع بها في الموارد القليلة التي لا يجري فيها الاستصحاب ، وهي موارد تعاقب الحالتين مع الجهل