أن يشرحها لهم ، في الوقت الذي كان القرآن فيه منزّلا على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى الناس لأنه ذكر له ولقومه وللعالمين.
الرأي الرابع : إن الله سبحانه وتعالى تحدى الناس بالقرآن ، وبالغ في التحدي بطرق متنوّعة ، فأراد أن يبيّن لهم أن هذا القرآن الذي أعجزهم الإتيان بسورة من مثله ، لم يكن مؤلفا من حروف يجهلونها ، لأن المادة الخام التي صنع منها القرآن موجودة بين أيديهم ، وهي هذه الحروف المتنوعة المعلومة لديهم : فإذا كانت عندهم القدرة على صنع مثل هذا القرآن ، فهذه هي المواد الخام جاهزة عندهم ، ولعلّ هذا من أبلغ أنواع التحدّي ، تماما كما تواجه إنسانا واقفا أمام مبني ذي شكل هندسي متقن ، فتقول له : هل تستطيع أن تبني مثل هذا؟ ثم تعقب على ذلك بأن المواد جاهزة إذا كنت تملك الفكر الهندسي والممارسة الفنية. إنه سيقف عاجزا من موقع عظمة هذه الهندسة وجهله بأصولها الفنية.
وقد يكون هذا التفسير أقرب التفاسير إلى الفهم ، وينسب إلى الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت عليهالسلام الإمام الحسن العسكري عليهالسلام ، برغم أنه لم تثبت صحة نسبته إليه لعدم وثاقة رواته ، ولكن من الممكن أن ينسجم مع طبيعة الموقع الذي وردت فيه هذه الكلمات في القرآن الكريم ، ففي هذه السورة عند ما تلتقي بكلمة : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) فربما تفهم منها أن هذا الكتاب الكامل في كل شيء ، مصنوع ومؤلف من هذه الحروف ، فإذا كنتم ترون في أنفسكم القدرة على مجاراته ، فهذه الحروف أمامكم ، فاصنعوا منها ولو سورة ممّا تشاؤون.
وقد يتأمّل المتأمل في هذا الرأي ، فلا يجد في بعض المواضع القرآنية ما ينسجم معه ، أو لا يلمح مثل هذا التوجيه في ما قدمناه من تفسير ، ولكن المهم أن التفسير يتحرّك في مثل هذه الأجواء ؛ فإن استطعنا أن نقرّبها إلى