الإنسان المسلم لا يعيش أية عقدة نفسية إزاء الرسالات الأخرى كالنصرانية واليهودية ، ولا يرفض مقدساتها الأصيلة ، بل الإنسان المسلم هو الذي يؤمن بالأديان الأخرى وبمقدساتها ، ولكن ضمن إطارها الزمني الخاص الذي أراد الله للرسالات أن تعيش فيه ، لأن الإسلام يعتبر نفسه امتدادا للأديان الأخرى ومكملا لها ، كما كان كل دين مكمّلا للدين الذي سبقه. وقد ورد عن المسيح عليهالسلام قوله : « إنما جئت لأكمل الناموس » ، وورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ».
وقد نستطيع أن نفهم من هذا كله أن الإسلام يجمع الخصائص الأساسية في اليهودية والنصرانية ، وفي رسالة إبراهيم عليهالسلام والرسل من قبله ، ويحوي ـ بالإضافة إلى ذلك ـ خصائص جديدة اقتضتها طبيعة الحاجات التي استحدثتها الحياة بعد انتهاء دور الرسالات. ولذلك ، فإن المسلم ـ كما قلنا ـ لا يعاني أية عقدة من هذه الجهة ، بل قد يعاني من عقدة الانحراف العقيدي والتشريعي الذي وصلت إليه هاتان الديانتان ، وهذا ما أظهرته النصوص القرآنية الكثيرة التي حدثتنا عن تحريف التوراة والإنجيل من قبل أهل الكتاب.
وقد نستنتج من ذلك أن المسلم لا يعيش الروح الطائفية المعقدة تجاه الأديان الأخرى ، وذلك لارتباطه بالمفاهيم الإسلامية الأصلية ، وإذا صدرت أحيانا مواقف سلبية تناقض تلك الروح الإسلامية المتسامحة مع الأديان الأخرى ، فإنما مردها إلى تعقيدات وضغوط الواقع السياسي والاجتماعي الذي يفرز مثل هذه المواقف ، وبالتالي فإن السلبيات ليست ناتجة من خلال نظرة المسلم تجاه الدين الآخر أو المقدسات الأخرى ، وذلك على العكس تماما مما نجده عند الآخرين ؛ فاليهود مثلا ، ينكرون النصرانية والإسلام كدين ، والنصارى ينكرون الإسلام كدين ، لذلك نجدهم معقّدين من جهتنا دينيا.
وعلى ضوء الانفتاح الإسلامي على اليهود والنصارى باعتبارهم أهل