وقد روي عن ابن عباس ، أن المراد بشياطينهم رؤساؤهم من الكفار وقيل : هم اليهود الذين أمروهم بالتكذيب ، وروي عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنهم كهّانهم (١).
وقد نجد أمثال هذه النماذج في الكثيرين من الأشخاص الذين ينطلقون مع التيارات السياسية وغير السياسية في عملية ارتباط وانتماء ، ولكنهم ـ في الوقت نفسه ـ يمثلون أدوار الإيمان عند ما يلتقون بالمؤمنين البسطاء ليخدعوهم ، ولينفذوا إلى حياتهم العامة والخاصة ، من أجل تحقيق الأهداف الشريرة التي لا تلتقي بمصلحة الإيمان والمؤمنين من قريب أو من بعيد. فإذا ذهبوا إلى مجالسهم الخاصة ، أطلقوا الضحكات الفاجرة ، وأظهروا السخرية والاستهزاء بالمؤمنين ، وبعباداتهم ، وبأقوالهم ، بمختلف الأساليب التي تثير الاستهزاء والاشمئزاز.
وهكذا يقدّم لنا القرآن هذه النماذج الحية ، التي كانت تعيش في العصور الأولى للإسلام ، ليبعث فينا روح الوعي للمجتمعات التي نعايشها ، وليفتح أعيننا على هذه النماذج في حركة المجتمع ، لئلا ننطلق في التعامل مع الآخرين بسذاجة ، بل نحاول اعتماد أسلوب الحذر ، الذي لا يحكم على الناس بغير علم ، ولكنه لا يستسلم إليهم بدون أساس للثقة والاطمئنان ، من دون فرق في ذلك بين أساليب التعامل والقيادة والدخول في قلب المجتمع. فلا بد لنا ، في ذلك كله ، من محاولة فهم خلفيات هؤلاء الأشخاص الذين يحتلون مركزا مميزا في التعامل والقيادة والدخول في خصوصيات حياتنا الاجتماعية ، واكتشاف منطلقاتهم الفكرية والسياسية.
إننا لا نريد أن نتحوّل إلى أشخاص معقّدين ضد الأفراد الذين نعيش معهم ، ولكننا نريد أن نجعل من أنفسنا الأمة الواعية التي تفهم الواقع فهما
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٦٣.