الخضوع لله ، والخوف منه ، والمحبة له ، بحيث تصبح التقوى حالة طبيعية في حركة الذات.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) ومستقرا ومقاما تستريحون فيه ، وتتقلبون عليه ، في حركتكم ، وفي يقظتكم ومنامكم. (وَالسَّماءَ بِناءً) من فوقكم كما هي القبة المطلّة عليكم ، وخلق فيها الشمس التي تمنحكم النور والدفء والحرارة ، والقمر الذي يضيء لكم ظلمات الليل ويحدّد لكم المواقيت ، (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يحيي الأرض بعد موتها ، ويمنحها الحيوية التي تعطي العناصر المودعة فيها قوّة النموّ وحركة الخصب ، (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ) من البذور المتناثرة في أعماقها وسطوحها (رِزْقاً لَكُمْ) ، وذلك لتلبية حاجات أجسادكم الغذائية ، بما يكفل استمرار حياتكم وتواصلها ، لتعتبروا بذلك كله ، ولتعرفوا حاجتكم وفقركم إلى الله الذي لا يملك غيره أن يعطيكم ما أعطاكم ، ويرزقكم ما رزقكم من فضله ، ولتؤمنوا بأنه الله الذي لا إله إلا هو لا شريك له ، لأن كل من عداه فهو مخلوق له ، فكيف يكون ربا للناس؟! (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) تحبونهم كحبكم لله ، وتطيعونهم كطاعتكم له ، وتعبدونهم كما تعبدونه ، في القوت الذي لا يملك هؤلاء لأنفسهم من أمرهم أو أمر الناس شيئا ، لأنهم عباد أمثالكم لا فرق بينكم وبينهم في معنى العبودية لله الواحد الذي لا إله إلا هو ، ولا شبيه له ولا نظير ، (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ذلك كله ، فكيف تحوّلون علمكم جهلا بالسير في دروب الجاهلين؟
* * *